في مضارب قبيلة إچيچبه ما بين أغشوركيت ولمدن نشأ الفتى محمد عبد الله ولد أوداعه غير أن الأقدار اختطت له مسارا غير ما توقعه الأقربون فلا هو أجاد القراءات كأقرانه ولا تقفى عويصات المتون يسبر أغوارها، أما فتوة الشيخ ولد مكي ومن قبله البُو ولد امين وصولا للعم الكوري ولد أوداعه فتلك آخر اهتماماته ، لم تكن ملامح الطفل الخجول توحي بأنه سيكون من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في المنتبذ القصي وما دار في ذهن صلحاء القبيلة أنه سيكون من المفسدين، درس ولد أوداعة في المغرب وتخرج ليلتحق بسنيم التي سيخرج منها قبل أن يعود إليها مديرا عاما في أقل من عشر سنين، لم تكن أيام ولد لوداعه كعامل في ازويرات بالمشرقة وتدور أحاديث كثيرة عن سوء تسييره لما تقلد من مهام وقد شغفه الحزب الجمهوري حبا فكان نشطا غداة انتخاب كل فيدرالي وشكل اتجاها جهويا مساندا للفيدرالي ولد احمد البشير غير أن ذلك لم يرق لولد هيين الذي يأخذ على الأطر أي اهتمام غير مصلحة سنيم وتناقل عنه كثيرون امتعاضه من سلوك الشاب السياسي لكن مدير الإنتاج الخليفه ولد بياه كان يشفع له دائما حتى أنه تشبث به كثيرا عند استقالته وقدم له عروضا يبدو أنها لم تعجبه فهو يعرف ماذا يريد، التحق ولد لوداعه بعد استقالته من اسنيم بأهل انويكظ ليعمل معهم ثم افتتح لنفسه مكتب دراسات لم يكن بالناجح بل أخذ منه جهده وزاده رهقا، فتذكر موهبته القديمة في السياسة، فنزل إلى ساحتها وإثر خلاف على من تختاره القبيلة مرشحا لها غضب ولد أوداعه على أهل الشيخ عبد الله وبات من الواضح أنه قد أضمر في نفسه الثأر والانتقام ، لم يمر الأمر كخلاف أهلي على غرار ما يحدث في كل القرى ولم تشفع لخصومه خؤولة ولا رحم، بعد سقوط ولد الطايع سنة 2005 بدأ ولد لوداعه يبحث عن الأوفر حظا وكالكثيرين اختار أحمد ولد داداه والتحق بحزبه فجميع المعطيات كانت توحي بأنه رجل المرحلة والفرس المضمر للرهان سيما أن ابن خاله اللدود سيدي الذي امتلأ بغضا له هو خصم الرئيس المنتظر أحمد ولد داداه،
في الشوط الثاني قررمسعود دعم سيدي و قرر معظم ضباط العسكر الوقوف داعمين بكل ما أوتوا من نفوذ وموارد للدولة خلف سيدي ولد الشيخ عبد الله، كسب سيدي الانتخابات وباركها أحمد غاضا الطرف عن كل العيوب، قرر الرئيس الجديد التعاطي ديموقراطيا مع زعيم المعارضة فكان لمؤسسة المعارضة وزنها واحترامها بل نفوذها أحيانا ، ولم يبرح السياسي الشاب مكانه متحينا فرصة القفز والوثوب على المركب حتى تأزم الوضع بين العسكر وسيدي فتحركت الكتيبة البرلمانية وأشعلت النار في القتاد .تلك هي اللحظة المناسبة للقراءة ودراسة الخطط، وثق ولد لوداعه علاقاته بعزيز في ظرف كان فيه الجنرال الانقلابي يحشد للأيام المقبلة وقدم نفسه رهن الإشارة سياسيا، لا يهدأ ولا يكل مستعدا لفعل أي شيء يضمن له الوصول، كان انقلاب 2008 خطبا وطنيا جللا لكن لديه ظلالا اجتماعية خفية فقبيلة المنقلب والمنقلب عليه بينهما من سابق الود الكثير ولكي يرسل ولد عبد العزيز رسالة اعتراف بذلك الماضي عين ولد أوداعه وزيرا للصناعة والمعادن فهو يطرق بابه كل حين ويحتاجه في استمالة ولاية لبراكنة التي لأهل الشيخ عبد الله فيها من الاحترام حظ كبير، جلس محمد عبد الله ولد أوداعه على كرسي الوزارة لكن عينه كانت على مناجم الحديد وفي الوزارة أسرف النظام من خلال رجل رهن إشارته في منح رخص التنقيب، أصبح عثمان كان أول مدير يعينه عزيز على سنيم ولا يذكر عمالها اهتماما له بالسياسة أو تلوثا ظاهرا بغبار الفساد ، ثم انتدب العسكر الطالب عبدي فال مديرا جديدا فقد استقامت الأمور للانقلابيين وبدأوا في البحث عن رجل يفتح باب المغارة ، كانت مهمة عبدي فال هي التمهيد للنهب الحقيقي للثروة والفساد، فأعطى الجيولوجي القادم من صوملك - العسكر ما رفضه هيين من أموال لتمويل حملة 6 - 6 وكان طوع اليمين في كل ما أمروه به خلال عامه اليتيم في سنيم، ونفذ خطة تبدأ بالتخلص من رأس الحربة في العداء لأحابيل السياسة في الشركة لذلك كان أول قرار اتخذه عبدي فال هو إبعاد مدير عمليات الإنتاج الخليفة ولد بياه إلى فرنسا كممثل للشركة وأدارت الماكينة الإعلامية الخفية للعسكر أن للأمر علاقة برفض ولد بياه قبول تعيينه مديرا لشركة مريضة هي صوملك ، تم تجهيز الأرضية فليبدأ تسعة رهط بالتهام القصعة .جاء ولد لوداعه وفي عينيه بريق الشوق إلى المحروم منه في عهد هيين وفي قلبه غل لزملائه السابقين وفي أذنيه وقر بطبيعة الحال فهو رجل لا يحب الناصحين، كانت الطفرة المعدنية في ذروتها وكان مهندسو سنيم يحلمون بأن يستغلوا الفرصة في زيادة الإنتاج عن طريق استغلال مناجم أخرى وافتتاح ميناء جديد وتسيير قطارات أكثر ، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن لقد دخل الوافد الجديد على الخط وأزكمت رائحة العمولات الأنوف و تم التخلص من كل خبير أو نزيه، والأخطر من كل ذلك هو إفساد ثقافة سنيم القديمة التي لم تكن تولي أهمية إلا للكفاءة و كانت لاتمنح الترقي إلا بعد استحقاق مبين، أصبحت سنيم قبلة لكل الباحثين عن صفقة مشبوهة وتم شراء أهم المواقع والصحفيين و مد المدير أذرعه الطويلة في كل مفصل من النظام .الهيئة الخيرية لسنيم هي شباك الدفع المجاني لولد لوداعة، أما الصفقات بالتراضي و العمولات حتى لو فسدت المشاريع و الأشغال فحدث ولاحرج، لا شك أنكم قرأتم الكثير من الأمثلة عن ذلك أو سمعتموها فما فائدة إيرادها و النداء بها و لا حياة لمن ننادي، فعزيز شخصيا مشارك في نهب الثروة و يتقاسم الغنائم مع ولد لوداعه، الفساد داخل اسنيم بلغ سيله الزبى وبدأ يتسرب إلى الأضواء رغم التعتيم وبدأت حناجر المحتجين تهتف به.
سنيم مهددة بالانهيار.
منقول من صفحة المدون إكس ولد إكس اكرك