لا أتفهم و لا يمكنني البتة هذا التحامل على فخامة رئيس الجمهورية و مرده يقينا فقر المنظومة القيمية أخلاقيا عند النخبة ، البلد فقير و منهك فقير لأنه لا يملك إكتفاء ذاتيا زراعيا و منهك بعقليات مريضة جعلته في مصاف الأمم المتخلفة ، نحن شعب لا يعمل و لا يدرك أن السعي في الأرض جهاد شرعا و عامل تنمية اقتصاديا فأبناء الزعامات التقليدية من هذا المجتمع لا يرون ذواتهم في أعمال مدرة للدخل من قبيل العمل اليدوي و الجهد العضلي في الزراعة أو البناء و الإعمار و الأعمال الفنية و هذا مخالف للشرع من جهة حيث رعى الأنبياء الغنم و لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة حيث كان يخدم نفسه بنفسه يخيط ثيابه و يحلب الشاة إلى غير ذلك من الدروس و العبر التي أستفاد منها غيرنا أكثر و قد كانت دولة رسول الله صلى الله عليه وسلم و ساداتنا أبو بكر و عمر نموذج يحتذى في قيم البناء و التسامح و الانفتاح ....
نحن إذا بلد فقير بكل معاني الكلمة فكريا كما تقدم نظرا لسوء العقلية الجمعية للمجتمع ، و اقتصاديا حيث يعتبر الدخل القومي ضعيف و الطبقة الحاكمة مريضة و موهوسة بالفساد و لا تولي كبير إهتمام و لا عميق عطاء لانتشال البلاد من الوضع المخيف ، النظام الصحي متهالك و التعليمي متأثر بالهزات السياسية مما أوهن مخرخاته و جعلنا أمام وضعية من الترهل تستحق أعلى درجة اليقظة ...
تتحاملون على رئيس الجمهورية الأخ محمد ولد الشيخ الغزواني لأنه صدقكم و لأنه يعي معاني الأمانة تربية و تكوينا و عمل ما بوسعه من دعم للطبقات المهمشة و تشغيل للشباب و حزم و عزم و تنبيه و تحذير ... قال تعالى " إن الله مع الصادقين " ، " إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون " و من تجليات التقوى و الإحسان الصدق مع الشعب و إنزال العقوبة بقدر الخطأ و عدم الشطط في السلطة و هذه أمور انعدمت خلال العشرية مما جعل بسطاء الشعب و خاصة من لا حظ له في التعليم يصف هذا النظام بالضعف و لعمري القوة كل القوة في معاني العدالة و التقوى و العمل بجد و في صمت و هذا ما يقوم به فخامة رئيس الجمهورية و حكومة الوزير الأول لكن وفق ما هو متاح لا تحملوا النظام الحالي ما لا طاقة له به من ثلاثية هفوات الماضي المتراكمة و ضعف الإمكانات و هشاشة عقلية غالب المسؤولين في الدولة ...
البلد فقير لكن له آفاق إذا ما شمرنا جميعا عن ساعد الجد و لكل منا دور في ذلك و لا تقع المسؤولية على رئيس الجهورية و لا على النظام السياسي الحالي بقدر ما تقع علينا جميعا كل من موقعه و مما يمكن أن يقدم ، شخصيا لا أرى أنه سيكون لهذه البلاد شأن يذكر ما لم نتوجه للزراعة و لا تتطلب مالا كثيرا و لا آليات صعبة المنال بقدر ما تتطلب أكثر تغيير عقليات مريضة أبناء " لخيام لكبرات " -مع كامل التحفظ على العبارة - عليهم أن يعطوا نموذجا يحتذى في الزراعة بأيديهم و مباشرة الأعمال و نبذ برجوازية المجتمعات البسيطة ما قبل الدولة ...
موريتانيا بلد يستحق التضحية لأنه في مرحلة سابقة من تاريخه تسلق مناصب مرموقة في المنظومة العلمية العربية و الإسلامية و الإفريقية و جاهد في ذلك آباؤنا جميعا و لعبوا أدوارا ريادية في الجهاد من أجل ذلك قلما و سيفا و من العقوق الإداري أن نترك بلادنا تضيع - لا قدر الله - بهذا الشكل و لا يتأتى بناء دولة و لا تنمية ما لم نكن صادقين مع ذواتنا و نعترف بفشل النخب المتعاقبة على البلد في كثير من أبعاد التنمية المنشودة ....
التنمية تتطلب جهودا جادة أولها الصدق في الطرح و ثانيها الأمانة في المسؤولية و ثالثها الإيمان بقيم الجمهورية من شرف و إخاء و عدالة ...