تمر الذكرى الثانية لاغتيال العالم السوري محمد سعيد رمضان البوطي في أحد المساجد بالعاصمة السورية دمشق، على يد مجهولين قاموا بتفجير داخل المسجد.
وقد كانت عملية اغتيال البوطي بداية شرارة حرب ألكتروية على صفحات الفيس بوك بين المدونين الموريتانيين. وبدأت هذه الحرب عندما أثارت التدوينة التي كتبها الدكتور محمد المختار الشنقيطي المقيم في قطر حول مقتل العلامة السوري الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، كثيرا من الجدل والنقاش على الصفحات الموريتانية على الفيسبوك، مابين غاضب من الشنقيطي ومدافع عنه.
وجاء في تدوينة الشنقيطي في اليوم الموالي لاغتيال البوطي" "قتل البوطي قطفٌ لإحدى عمائم السوء المنقوعة في دماء الشهداء ودموع الأرامل.."
ثم تابع الدكتور الشنقيطي في تغريدات أخرى في موضوع مقتل الشيخ رمضان البوطي المؤيد للنظام السوري وهو من كبار العلماء في البلاد الاسلامية وقد ألف ما يقرب من 60 كتابا في شتى المناحي الدينية..، تابع الشنقيطي قائلا:
رثاء للبوطي:
لتبْكِ على الفضل بن مروان نفسُه/ فليس له باكٍ من الناس يُعرَفُ/
إلى النار فليذهبْ ومن كان مثله/ على أي شيء فاتنا منه نأسفُ؟
وقد توالت ردود الفعل المستنكرة في معظمها، على صفحات موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك الذي دارت فيه تلك النقاشات الساخنة بين النشطاء الموريتانيين وكتب الشاعر الشيخ ولد بلعمش على صفحته مايلي:
ردا على الشنقيطي
كتب الشنقيطي الكثير مما لا يليق حول مقتل العلامة البوطي على حسابه في تويتر الذي يُشارك ما يكتب فيه على الفيس بوك و منه هذه التغريدة التي تمجها أخلاق الشناقطة يقول الشنقيطي:
رثاء للبوطي: لتبْكِ على الفضل بن مروان نفسُه/ فليس له باكٍ من الناس يُعرَفُ/
إلى النار فليذهبْ ومن كان مثله/ على أي شيء فاتنا منه نأسفُ
لذلك كتبتُ إليه هذه الأبيات :
لقد كنتَ قبل اليوم فينا مُفكرا ـــ تخوض بحور المكرمات و تَغرفُ
وهمتَ بأنوار الشآم كما الورى ـــ فكل عباد الله فيها تصوَّفوا
و لكنني يا سيد الفكر حائر ـــ فقولك هذا لا يطاق و مُقرفُ
لقد أخطأ البوطي في ثورة الإبا ـــ و لكنه حبرٌ و شيخٌ مُصنِّفُ
فما ضرَّ لو حاذرت في الشرع هفوة ـــ و قلتَ كما أوصى الرسول المُشرَّفُ
(محاسن موتاكم) و إن كنت غاضبا ـــ فنحن غضبنا منه لكن سننصفُ
(إلى النار فليذهب) تقول شماتة ـــ و هل بعدَ هذا يا طريفُ تطرُّف ؟!
ومن عشرات التغريدات التي واصل بها الشنقيطي للدفاع عن آرائه المؤيدة "للثورة السورية" و"الربيع العربي" قوله يوم أمس: "الفتنة صدُّ الناس عن الحق وقهْرُهم على الباطل، والقتال ضد الظلم والقهر ليس فتنةً بل هو نقيضها: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"..
ومن اللذين دخلوا على الخط في أول وهله دفاعا عن الشيخ البوطي، الدكتور محمد المهدي ولد محمد البشيرالذي اسس صفحة خاصة بالعلامة الراحل وقدم لها بالقول: "وفاء لشيخنا الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي الذي انتشلني من ضيق الانتماء الحزبي والتعصب الأعمى للأشخاص والمذاهب والأحزاب إلى سعة الإنتماء الإسلامي الجامع، وانار عقلي بكبرى اليقينينيات، وضوابط المصلحة، ومنهج القرآن .. وبين لي باطن الاثم وتهافت الماركسية... افتتح هذه الصفحة للتعريف بفكره الذي طالما اهتدى به الحيارى في دياجير ليل المادية وظلمات الحزبية وجحيم الوعي المغشوش."
ومن التدوينات التي كتبها ولد محمد البشير يوم أمس:
لماذا يتخلى العرب في القرن 21 عن هدي القرآن الكريم وينجرفوا وراء الضخ الإعلامي والتفكير العاطفي؟ ويتركون القرآن الكريم تقيلدا لقناة الجزيرة؟؟ قال تعالى { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }} وقال العرب فحرضوا إحداهما على الأخرى، وقال تعالى ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما) وقال العرب من قتل اخاه في سوريا فهو مجاهد ومن قتل فهو شهيد، قال تعالى { من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } وقرر العرب أن يستبيحوا دماء إخوانهم مستعينين بأسلحة الغرب قال تعالى { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } وقال العرب بل يكيد بعضنا لبعض حتى ينال رضا الغرب ويصفي خصومه
ودخل الدكتور إسحاق محمد الكنتي المستشار الاعلامي في رئاسة الجمهورية، على الخط وكتب على حسابه الشخصي على الفيسبوك يرد على الشنقيطي:
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر الشنقيطي مقابلة للبوطي رحمه الله، تحت هذا العنوان: للذين يدافعون عن عمائم السوء المنقوعة في دماء الأبرياء هذا آخر حوار للبوطي يدعم فيه النفير والجهاد تحت راية بشار. يبرر الشنقيطي بذلك اغتيال البوطي رحمه الله باتخاذه موقفا معارضا للفتنة في سوريا! اغتيل إذن بسبب رأيه.
والشنقيطي، وفقهاء الفتنة ما انفكوا يبررون الفوضى بأسبقية حرية التعبير على السلم الاجتماعي. فالدكتاتوريات تحارب لأنها تمنع حرية الرأي، والدول تدمر في سبيل ديمقراطية لم تتحقق. إنه نفس النهج الدكتاتوري.. لا صوت يعلو فوق صوت الثورة.
الغريب أن فقهاء الفتنة هم الأكثر صخبا في نشر آرائهم، والدفاع عنها، ولم يحرض على قتلهم أحد من العلماء الذين لا يرون رأيهم، ولم يكفرهم أحد، ولم يحل دماءهم. دافع الشنقيطي عن المرتد باسم حرية الرأي، لكنه يبرر اغتيال البوطي بسبب آرائه! ما ذا لو طبقنا فكر الشنقيطي عليه؟ يعرض بالصحابة، ويطعن في عدالتهم، ينكر بعض الحدود: حد الردة، وحد الرجم، يرفض تطبيق شرع الله، ويرى الديمقراطية حاكمة عليه... لم يكفره أحد، ولم يحرض عليه أحد، وإنما تجاهله كثيرون، ورد عليه أخرون بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى أن بعض من رد عليه يسميه الشيخ الكريم... أما هو فيطلق على من يفوقه علما وعملا، عمامة السوء! استمرأ القرضاوي، منذ بداية الفتنة التحريض والتكفير، ولم نسمع عالما واحدا، ممن يخالفونه الرأي، وهم كثر، يحرض عليه أو يكفره. فأين التطرف إذن! هل العلماء الذين يدعون إلى حقن دماء المسلمين، وينهون عن الفتنة، ويكتفون بطرح آرائهم معززة بالأدلة الشرعية هم المتطرفون، أم دعاة القتل، المحرضون على الفوضى طلبا للديمقراطية؟ مهما حاولوا فإن صفات الخوارج لصيقة بهم.. سفك دماء المخالفين، تكفير المسلمين، الاغتيال، إنكار الحدود، رفض السنة، تأويل القرآن حسب الأهواء.. هزم خوارج الأمس على يد الدولة الأموية، وستهزمهم دمشق اليوم، كما هزمتهم بالأمس بإذن الله. والعاقبة للمتقين."
كما كتب الناشط والمدون محمد الامين ولد الفاضل في مقال نشره على صفحته بعنوان: فرح طائش وحزن زائف": وللاسف فلم تكن مصيبتنا فقط في رحيل عالم جليل مع العشرات من طلابه بسبب عملية انتحارية جبانة داخل مسجد، بل كانت مصيبتنا أيضا في أن البعض من "النخب الثورية" لم يوفق في اتخاذ موقف سليم بحجم الفاجعة، فخرج علينا بموقف طائش وصادم، وكأنما قد أصابته شظية من شظايا الانفجار فسببت له لوثة عقلية وفكرية...
وتابع يقول: ".. وهناك ملاحظة تتعلق بالطرف المعادي للثورة السورية، وهي ملاحظة لابد من تسجيلها هنا، وتتعلق بأولئك الذين تباكوا على البوطي، ليس حبا للبوطي، ولا حبا للعلماء، وإنما استغلالا لهذه الفاجعة، ذلك أن البكاء على البوطي في مثل هذا الوقت قد يخدم موقفهم المعادي للثورات والداعم للدكتاتوريين.
وعلى أولئك المتباكين أن يعلموا بأنه لم يعد بإمكانهم أن يخدعوا الناس بحزن زائف ومزيف. فمن يصف علماء أجلاء بأوصاف لا تليق، ويطلق عليهم علماء الناتو، لن يصدق أي عاقل بأن بكاءه على البوطي كان انتصارا للعلم وللعلماء، فلو لم يكن البوطي من أنصار النظام السوري الظالم لما حزن أي واحد من أولئك على رحيله، ولا على رحيل علمه الغزير.
فكفكفوا دموعكم فإنها لم تعد لتخدع أحدا.."
ومن بين من أدلوا برأيهم حول تدوينة الشنقيطي، الصحفي حبيب الله ولد احمد والذي كتب هو الآخر:
عالم يجيز القتل ب"المفخخات" ويحسب "الإنتحاريين" شهداء وهو نفسه الذى أفتى لأول مرة فى تاريخ الفتاوى الفقهية المعاصرة بقتل شخص مسلم يشهد الشهادتين اللتين عصم الله ورسوله بحقهما دم من ينطقهما دون الغوص فى نواياه وحقيقة إيمانه بهما و"مفكر إسلامي" يرقص الجذلى فرحا باستشهاد عالم قد نختلف معه لكنه أعلم منا وأكبر منا وأشجع منا هو الشيخ البوطي رحمه الله"
وفي رصدنا للنقشات لكثيرة االتي دارت حول الموضوع، نختار من تدوينات الكاتب المهدي ولد احمد طالب ذو الاتجاه الإسلامي في آخر ما كتبه عن الموضوع:
آخر تعليق على قضية البوطي
إختلفانا مع البوطي أم اتفقنا ... البوطي شخصية يصعب تكررها في العالم الإسلامي و غفر الله له ما صدر منه.
كما نختم لنفس المدون ببيت من الشعر الشعبي نشره قبل ذلك في صفحته :
قال أحد الفيسبوكيين:
مات البوطى ،وامنين مات * عارف بالله البوطى
يكطع بالدني ما اتلات * فيها ماهو لخروطى.
من الأرشيف