أيام رمضان في مدينة "امبود" تختلف عن أيامه في بقية المدن الموريتانية، حيث تسكن عشرات الأسر في العراء يقاومون الشمس الحارقة بأكواخ بديلة ويضعون أفرشتهم على ركام البيوت المدمرة جراء السيول التي اجتاحت المدينة يوم 08 يوليو 2014.
سيدة تحولها الكارثة إلى مشردة..
ماما جالو تاجرة من حي "الدك" وهي واحدة من هذه الأسر المتضررة في مدينة امبود، استقبلتنا بحفاوة هي وبنوها وأخواتها على ركام ثمانية بيوت دمرتها السيول الجارفة بالكامل.
كان إفطارها يحكي قصة أسرة مشردة منذ الفيضانات الأولى تمرات معدودة هي ما بقي من مخزونها ومؤنها التي ما زالت تحت الركام حتى اليوم وتصلب الطين عليها، لقد حولها السيل من سيدة أعمال في نساء الحي إلى سيدة أخرى كأن لم تغن بالأمس وكأن لم تكن تصدر الإفطار في بداية شهر رمضان لجيرانها من الأسر.
تقلب ماما جالو طرفها مع ساعة الغروب لحظات استقبالنا، فتلتفت مقلاتاها ـ المحمرة جراء الشموس المتعاقبة ـ ذات اليمين فترى بيتا عاشت فيه مع أغلب بنيها ويمثل لها ذكريات الأولاد ومداعبتهم، ثم تلتفت ذات اليسار فلا ترى سوى عدة كيلوغرامات من الفحم هي كل ما تبقى من محلها المدمر بالكامل على البضائع وطاولات المتجر الصغير ما تزال قِطعا منها تذكرك بأن المكان كان مأهولا بمحل للبيع يزود السكان بكل المقتنيات الصغيرة.ثم ترى أماكن درّسا كانت وكانت في تاريخ تخشى أن لا يعود في يوم من الأيام في ظل الإهمال الذي تتعرض له مع كل ضحايا السيول.
رسالة إفطار ماما..
السيدة ماما رسالتها الواحدة إلى السلطات التي لم تبعث لها سوى بعض الأرز المتعفن، أنها لا تريد الأرز ولا الزيت فالأرزاق والمعاش بيد الله، وكل ما تريده من هذه السلطات هو توفير مأوى لعشرات العائلات المشردة، وبناء مساكن لائقة للأسر عانت سنوات من تعاقب الجفاف في موس الصيف والسيول في موسم الخريف، وكأنها تقول بأن دولتنا لا تلفت إلينا في الكوارث إطلاقا وتتلاعب بمواطنين من خلال أرز قد تعفن منذ زمن بعيد..
وترفع ماما يداها وقت الإفطار إلى بارئها طالبة أن يعينها ويعين عيالها على مواجهة هذه الكارثة التي حولتهم إلى أسر مشردة بالكامل، كما تطالب من كل منظمات الدعم والمجتمع المدني ومنظمات الإغاثة أن تساهم في إغاثة الحي المنكوب مستغربة في الوقت ذاته تقاعس هذه المنظمات والسلطة عن تحمل مسؤولياتها.