لا تختلف أغلب التحليلات الغربية والعربية على أن أكثر الرابحين –إقليميًا-، من تغييرات ما يوصف بـ”عاصفة تغييرات الفجر”، هما تركيا وقطر، ومعهما الإخوان، بينما أبرز الخاسرين هو نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان إعلامه يراهن أثناء مرض الملك الراحل عبد الله علي الأمير “مقرن” لتولي الملك وتنحى الملك سلمان بدعوى أنه مريض ومصاب بـ” الزهايمز” كما زعمت صحف غربية حينئذ، إضافة للإمارات التي كانت تنسق مع جناح “متعب” نجل الملك الراحل.
أما داخليًا، فتكاد تجمع التحليلات الغربية على أن الأمير محمد بن سلمان هو أبرز الرابحين، وأنه ربما تلقي بتعيينه وليًا لولي العهد مكافأة قيادته عاصفة الحزم، وتري أن “بن نايف” أمام تحديات داخلية وخارجية كبيرة، أبرزها استقرار المملكة الداخلية في مواجهة محاولات هز استقرارها من قوي خارجية، ومن داعش، فضلًا عن دوره في التعامل مع أمريكا والقوي الغربية، وتؤكد أن المملكة ستتبع سياسات خارجية أكثر حزمًا.
وضمن الرابحين عادل الجبير وزير الخارجية الجديد الذي يعد أول وزير خارجية من خارج الأسرة الحاكمة، والذي ينتظره ملفات عديدة –مع بن نايف-، أبرزها التحالف السني السعودي العربي التركي، ومواجهة التغلغل الإيراني في المنطقة.
وتري أغلب الصحف الغربية أن أبرز الخاسرين هو الأمير “مقرن”، حيث كان الأمير متعب بن عبد الله يعول عليه ليعيده لواجهة الحكم في حالة وفاة الملك سلمان، وأنه بتولي بن نايف وبن سلمان خسر جيل كبير من الأحفاد من شباب الأسرة الحاكمة ربما يعوضهم الملك سلمان بطرق أخري، بينما الأمراء الكبار مثل الأمير طلال والأمير أحمد عبد العزيز وغيرهم فقد ذهبت فرصتهم في الحكم.
سياسة خارجية أكثر حزمًا بدون أمريكا
وتري أغلب الصحف الغربية أن السياسة الخارجية السعودية ستكون أكثر حزمًا، حيث تقول صحيفة (التليجراف) أنه “يتزامن رحيل وزير الخارجية سعود الفيصل من منصبه، وتعين السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير بدلا منه، مع تبني المملكة العربية السعودية نهجًا أكثر حزمًا، حيث أرسل الملك سلمان طائرات تورنادو القتالية لقصف اليمن خلال الشهر الماضي، مطلقة بذلك إحدى أكبر العمليات العسكرية في تاريخ المملكة، كما رجح كفة ميزان الحرب الأهلية في سوريا من خلال دعم تحالف جديد للثوار“.
وتضيف: “اتخذت السعودية أيضا قرارًا حاسمًا بخفض سعر النفط، وهذا يعني ضرب اقتصاد روسيا وإيران، فالمملكة، التي كانت تتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، أصبحت تمارس نفوذها علانية لحماية سلطتها الوطنية“.
وأرجعت الصحيفة البريطانية “كل هذا التغييرات”، إلى “الخوف من طموحات إيران الذي يمثل الجزء الأكبر مما يحدث“.
وتشدد تليجراف على أن: “الملك سلمان يعتقد بوضوح أن عصر الاعتماد على واشنطن ولّى، ويرى أن النفوذ الأمريكي يتراجع في المنطقة، بما جعل المملكة ترعى شؤونها بنفسها“، وأنه “على الرغم من أن التنافس المرير بين المملكة العربية السعودية والقوة الشيعية في المنطقة ليس بجديد، فإن ما تغير هو التقييم السعودي للولايات المتحدة، حيث كان الملوك في قصورهم بالرياض يعتمدون في الماضي على أمريكا في ضمان النظام في منطقة الشرق الأوسط وضمان الأمن في بلادهم“.
أيضًا تقول صحيفة (واشنطن بوست) أن: “تغييرات السعودية تجعل سياسة المملكة أكثر حزمًا بالشرق الأوسط“، وإن القرارات الجديدة التي صدرت في المملكة العربية السعودية تعزز جيل الشباب من الأمراء في خط الخلافة، والذى يمكن أن يكون سببًا في وضع سياسة خارجية أكثر حزمًا للسعودية في الشرق الأوسط.
ولفتت الصحيفة إلى أن التغييرات قد تدل أيضًا على تحول أيديولوجي محتمل مع ابتعاد المملكة عن سياسات غير مرنة مع واشنطن وتؤكد بشكل متزايد مبادرات الأمن والشئون الخارجية.
ونقلت الصحيفة عن رائد قهوجى، رئيس معهد الشرق الأدنى والتحليل العسكري بالخليج، قوله إن هذه التغييرات موجهة نحو المسؤولين الذين يشعرون أنهم يواجهون تهديدات خطيرة من إيران ومن قضايا أخرى مثل الإرهاب، ويشعرون أنه ليس أمامهم خيار سوى مزيد من الحزم في سياستهم الخارجية.
من ناحية أخرى، قال محمد عبيد، المحلل السياسي بلبنان إن المسؤولين السعوديين يشعرون بقلق متزايد حول إعادة تقارب محتمل بين الولايات المتحدة وإيران التي تعتمد على المفاوضات حول البرنامج النووي لطهران.
وقالت: “هؤلاء القادة الجدد في السعودية يتحركون في اتجاه مختلف عن الولايات المتحدة، وسياستهم في المنطقة نموذج لذلك“.
ووصفت صحيفة “الجارديان” البريطانية التغييرات التي تم الإعلان عنها في السعودية بأنها: “تمثل منعطفًا دراميًا مع التعيين المفاجئ لوزير الداخلية والمسؤول عن ملف مكافحة الإرهاب الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد”.
وتقول صحيفة “الجارديان” البريطانية: “إن تغيير وزير الخارجية بدلًا من المخضرم سعود الفيصل البالغ من العمر 75 عامًا، وتعيين آخر أصغر سنًا ولا ينتمي للعائلة الملكية، وهو عادل الجبير السفير الحالى لدى واشنطن “يعزز الإحساس بحدوث تغيير جلى“.
إرضاء أمراء آل سعود
وقد ركزت مجلة “نيوزويك” في تحليل بعنوان: “تعديلات الملك السعودي تؤجج التوتر”، على غضب الأمراء الآخرين، ووفقًا لتحليلها قالت: “سيضطر الملك سلمان إلى منح الأمراء الآخرين حصة من التسلسل الهرمي للأسرة الملكية للحفاظ على السلام، بعد قراره بترقية نجله صاحب الأربعة والثلاثين ربيعًا لمنصب ولي ولي العهد“.
وقال تقرير مجلة نيوزويك الأمريكية حول التغييرات المفاجئة التي أعلن عنها العاهل السعودي: “من المقرر أن يتسبب إعادة ترتيب خط التوريث في تفاقم التوتر بين الفروع المتنافسة لعائلة آل سعود، بعد أن سنَّ سلمان سابقة جديدة في أكبر دول العالم تصديرًا للنفط، عبر وضع نجله في ذلك المقعد البارز، وتجاوز الأمراء الأقدم سنا”، وفقًا لـ “جان كيننمونت”، الباحثة ببرنامج الشرق الأوسط، في مركز “تشاتام هاوس” البريطاني.
ونقل عن “كيننمونت” قولها: “سيقول أمراء آخرون من فروع أخرى بالعائلة الملكية أن أميرًا في عمر 34 عامًا، لم يكن في مثل هذه القوة والبروز حتى وقت قريب، لكنه أصبح الآن في مسار سريع لتقلد المنصب الأول بالمملكة“.
ومضت تقول: “سيحتاج حكام السعودية إلى التعامل مع الأمراء الآخرين داخل الأسرة الملكية، إنهم يحتاجون إلى مشاركة السلطة، فعلى النحو التقليدي، لا يوجد توريث يعتمد فقط على منح الملك السلطة لنجله، لكن المعتاد أن يتم اقتسام السلطة بين الفروع المختلفة للعائلة للتأكد من أن الآخرين لديهم حصة كبيرة في النظام”.
وهو ما ذهبت إليه صحيفة (الجارديان) البريطانية بقولها إن “أحد الأسباب لفرض الملك سلمان إرادته هو تأسيس خلافة واضحة لا يتنازع عليها أحد في وقت مبكر“، وقالت: “تمثل تلك التغييرات أول مرة تتجاوز فيها السلطة أبناء عبد العزيز“، وتوقعت الصحيفة أن يتم استقبال ترقية الأمير نايف البالغ من العمر 55 عامًا بترحيب في الدوائر المحافظة في الداخل وفى الخارج، بينما يثير تولي بن سلمان (34 عامًا) غيرة شباب الأسرة الحاكمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تعزيز مكان الأمير محمد بن سلمان نجل الملك في منصب ولى ولى العهد، أي الثاني في ترتيب العرش “يبدو جزئيًا كمكافأة له على عمله مؤخرًا كوزير للدفاع أشرف على الحملة العسكرية ضد الحوثيين في اليمن“.
بن نايف لن يجلب الاستقرار
وتوقع كينيث روث مدير منظمة هيومن رايتس ووتش ألا يجلب ولي العهد السعودي الجديد محمد بن نايف الاستقرار للمملكة، وأنه قد يخيب آمال الملك سلمان بن عبد العزيز.
وكتب “روث ” عبر حسابه على شبكة تويتر الخميس يقول: “ظن الملك السعودي أن شباب الأمير نايف يمكن أن يساعد على الاستقرار، لكن قمع الأخير للمعارضين لن يحقق ذلك المأرب“.
ولكن صحيفة “تليجراف” البريطانية، قالت تحت عنوان “ثورة سعودية هادئة بتغيير الملك سلمان تسلسل الحكم داخل الأسرة المالكة“، أن “بن نايف” كوزير داخلية، “يعد محورًا رئيسيًا بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين القلقين من صعود القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي تنشط في اليمن والسعودية“.
وقالت أن التغييرات الجذرية التي أعلن عنها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، “نقلت خط الخلافة من جيل أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن سعود إلى جيل الأحفاد“.
بينما اعتبرت الأكاديمية السعودية بكلية الملوك بجامعة لندن “مضاوي الرشيد” التغييرات الأخيرة تأمينًا لحكم بن نايف المقبل بعد سلمان بقولها: “بن نايف يؤمن وصوله لعرش المملكة“.
حيث قالت “الرشيد” في تدوينه على حسابها الخاص على موقع تويتر: “رجل أمن واشنطن في الرياض بن نايف يؤمن وصوله لعرش المملكة بعد الحكم القصير المرتقب لسلمان“.
وتقول صحيفة الجارديان: “يشاد بالأمير نايف على المستوى الدولي باعتباره سياسى محترف، وتراه الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية الأخرى كحليف يعتمد عليه، إلا أن بن نايف الذى نجا من محاولة اغتيال من قبل القاعدة عام 2009 ليس إصلاحيًا، وتركيزه الأساسي هو الأمن داخليًا وخارجيًا، ومؤخرًا، التحديات التي فرضها صعود داعش والقاعدة في شبه الجزيرة العربية”.
وقالت إنه: “على الرغم من الآمال ببداية جديدة عقب تولى الملك سلمان العرش في يناير الماضي، فإن هذا التغيير الأخير يتعلق بالدفاع عن البقاء بقدر الإصلاح مع مواجهة العائلة الملكة بالرياض تحديات وجودية محتملة“.
بوليتيكو: سلمان يهز خط الخلافة
“وزير الداخلية محمد بن نايف الذي أفادت تقارير بقربه من مسؤولين مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة بات وليًا للعهد الأربعاء، في خطوة بمثابة هزة كبيرة مفاجئة في خط الخلافة بالمملكة“.
هكذا استهلت مجلة بوليتيكو الأمريكية تقريرًا لها للكاتب نيك جاس حول القرارات الملكية التي أصدرها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز فجر الأربعاء.
وإلى نص التقرير
أصدر الملك سلمان، الذي تقلد عرش المملكة في يناير الماضي، في أعقاب وفاة أخيه غير الشقيق عبد الله، قرارات تتضمن تسمية وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (الذي ينتمي لعائلة آل سدير) وليًا للعهد، وإعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصبه.
وكوزير داخلية، يعد بن نايف محورًا رئيسيًا بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين القلقين من صعود القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي تنشط في اليمن والسعودية.
وفي أغسطس 2009، نجا بن نايف من عملية اغتيال خطط لها أحد عناصر قاعدة شبه الجزيرة العربية، عبر إخفاء قنبلة تحت ملابسه التحتية.
وبحسب برقيات دبلوماسية مسربة، نشرها موقع ويكيليكس، وصف مسؤولون أمريكيون بن نايف بالذكي وصاحب العمل الدؤوب، ووصفوا نهجه في قمع الجماعات الإرهابية وأنصارها داخل المملكة بأنه لا يتسم بالحماقة.
وفي إحدى تلك البرقيات، قال بن نايف للدبلوماسي الأمريكي هولدبروك: “لقد سرق الإرهابيون أكثر الأشياء القيمة التي نمتلكها، وأخذوا إيماننا وأطفالنا واستخدموهم لمهاجمتنا“.
والتقى الملك سلمان مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في المملكة السعودية عقب وفاة عبد الله في أواخر يناير، واستغرقت المقابلة ساعة واحدة، كما كان جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” أحد أعضاء الوفد الأمريكي.
وهاتف أوباما سلمان في 17 أبريل الجاري، وناقشا معًا الوضع في اليمن والسعودية.
هآرتس: سلمان يطهر المملكة من “دائرة عبدالله“
بعد الجولة الأولى من التعديلات التي قام بها ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز في يناير الماضي بعد أيام قليلة من وفاة سلفه عبدالله، جاءت الجولة التانية من التعديلات والتي من المرجح ألا تكون الأخيرة.
بتلك الكلمات استهلت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية تقريرها عن التعديلات الأخيرة للملك سلمان في القيادة الحاكمة للبلاد، والذي جاء تحت عنوان (سلطان يطهر المملكة من دائرة عبدالله).
وإلى نص التقرير:
في المرة الأولى، كان أول من تمت الإطاحة بهم هم دائرة الموالين لعبدالله ومن بينهم مدير مكتبه خالد التويجري ونجليه مشعل (حاكم مكة) وتركي (حاكم الرياض) ورئيس جهاز الاستخبارات خالد بن بندر بن عبد العزيز.
أما في المرة الثانية فكانت التعديلات تهدف لضمان خط الخلافة، وشملت إطاحة سلمان بولي العهد، مقرن بن عبدالعزيز (الرجل المفضل لدى عبدالله) ليحل محله وزير الداخلية القوي محمد بن نايف، فضلًا عن تعيين سلمان لنجله محمد وليًا لولي العهد، وهذا هو من سيرث حكم المملكة في حال رحيل محمد بن نايف.
هذه الخطوات ليست مفاجئة، فمنذ بداية حكم سلمان، كان واضحًا أن الأمير مقرن، الذي فشل كرئيس لجهاز الاستخبارات، لن يبقى وليًا للعهد لفترة طويلة، وحتى تعيين محمد بن سلمان كولي لولي العهد كان أمرًا متوقعًا ليس فقط بسبب مهاراته الدبلوماسية وخبرته في مكافحة الإرهاب، التي اكتسبها من العديد من الدورات التي تلقاها في أكاديمية مكتب التحقيقات الفيدرالي.
إن إبعاد الموالين لعبد الله وتعزيز الفرع السديري في العائلة الحاكمة، التي ينتمي إليها بن نايف عضوًا فيه، هو جزء من تصفية الحسابات مع الملك عبد الله، الذي شهدت فترة حكمه انحسارًا لنفوذ الأمراء السديريين، أبناء حصة بنت أحمد السديري، واحدة من الزوجات العشرة لأول ملك سعودي وهو عبد العزيز بن سعود.
وإذا كان هناك تعديلًا مفاجئًا، فهو تعيين عادل الجبير وزيرًا للخارجية، ليحل محل سعود الفيصل، الذي أشرف على إعداد السياسة الخارجية للمملكة طيلة أربعة عقود، والفيصل (75 عامًا) المصاب بمرض باركينسون، ويبدو أن تقدمه بطلب لإعفائه من منصبه كان أمرًا حقيقيًا، أما الجبير فهو أول وزير خارجية سعودي ليس من العائلة المالكة.
لا تغيير في السياسة الخارجية
هذه التعيينات تأتي كجزء من ترتيب البيت من الداخل، بمعنى أنها لن تغير من السياسة الخارجية للمملكة والملك سلمان على الرغم من مشكلاته الصحية (حيث يعاني من الزهايمر)، فقد وضع بصمته عندما كثف من خطابه ضد إيران ودعم تشكيل قوة تدخل عربي، وبدأ هجومًا على الحوثيين في اليمن لاستئصال شأفة النفوذ الإيراني هناك.
ومما لاشك فيه أن الرجل القوي داخل المملكة هو بن نايف، الذي سيستمر في منصبه كوزير للداخلية ورئيسًا لمجلس الأمن القومي، وهو الرجل الذي سيقوم بتنفيذ السياسة الخارجية، التي سيكون من بين مبادئها تشكيل محور سني ضد إيران، وفي سبيل ذلك غيرت السعودية سياستها تجاه تركيا وعلى الرغم من خلاف الأخيرة مع مصر وتركيا، تمت دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة الملك.
بن نايف، والذي التقى أردوغان في تركيا قبل تلك الزيارة، هو من أعد جدول أعمالها، ويبدو أنه في إطار الجهود نحو تشكيل محور سني، ستشجع السعودية حماس على عزل نفسها كليًا عن إيران والعودة إلى “الصف العربي” على الرغم من العداء المستمر بين مصر “الحليفة الأهم للسعودية” وحماس.
التحدي الرئيسي الذي يواجهه النظام الجديد هو استيعاب التغيرات الاستراتيجية المتوقع أن تصاحب الاتفاق النووي مع طهران والتقارب بين إيران والولايات المتحدة، وفي حال تم رفع العقوبات عن إيران، من المتوقع أن يسيطر النفط الإيراني الجديد على حصة مهمة من السوق السعودي.
وسيكون على السعودية أيضًا بناء نفوذها في سوريا والعراق كحصن ضد النفوذ الإيراني في تلك البلدان، لاسيما وإن اقترحت إيران حلًا خاصًا للأزمة في سوريا.
قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن التغييرات الملكية الجديدة في السعودية شملت الإطاحة بالرجل الذي كان يستخدم كهمزة وصل مع نظام عبد الفتاح السيسي، لافتًا إلى قرار إعفاء الأمير مقرن عبد العزيز من منصبه وليًا للعهد، وتسمية وزير الداخلية محمد بن نايف بدلًا منه.
وكتب هيرست في سياق مقال بموقع هافينجتون بوست الأمريكي: “كان مقرن يستخدم كهمزة وصل مع نظام السيسي في مصر، حيث مثل السعودية في مؤتمر شرم الشيخ، ولم يحضر سلمان بنفسه، وعندما أراد القائد المصري، الاعتذار لمموليه السعوديين بشأن محتويات تسريبات قال فيها السيسي إنهم (السعوديون) يمتلكون “فلوس مثل الرز” ، التقى السفير المصري لدى السعودية بمقرن أولًا، قبل أن يجري الرئيس المصري اتصالاته الهاتفية“.
وانتقل للحديث عن قرار إعفاء وزير الخارجية سعود الفيصل من منصبه، زاعمًا أنه كان مخططًا له منذ فترة، بعد أن نفذ رصيده، وباتت خبرته الممتدة لأربعين عامًا لا تسعفه.
الفيصل، والكلام للكاتب وجد صعوبة في تخفيف حدة التناقضات بين عبد الله وخلفه سلمان، ففي عهد عبد الله، قاد الفيصل جهودًا دبلوماسية لحصار قطر، وفي عهد سلمان، بدا الفيصل مسترخيًا بشأن الإخوان المسلمون، بل أنه دخل في مشادة علنية مع الرئيس السيسي حول دعم بوتين لسوريا، ومضى الكاتب يقول: “ لا تستطيع أن تروج لكلتا السياستين“.
وعلاوة على ذلك، فإن وزير الخارجية الجديد عادل الجبير، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، قريب من الإدارة الأمريكية، ويمكن تصنيفه ليبراليًا، واعتبر الكاتب تعيينه إشارة إلى توجهات سياسة سلمان الخارجية، حيث يرغب في توطيد الصلة بواشنطن بل أن الجبير هو أول وزير خارجية يتم اختياره من خارج صفوف آل سعود.
وتساءل هيرست، وأجاب، عن ماهية الفائزين والخاسرين بعد التغييرات الجديدة، فاعتبر أنها ستطرب أذني تركيا وقطر التي يرتبط معهما محمد بن نايف بعلاقات وطيدة.
لكن الإمارات ومصر أكبر الخاسرين، والكلام للكاتب، لاسيما في ظل توتر العلاقات بين محمد بن نايف وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي يعد الحاكم الفعلي للإمارات.
السبب الرئيسي وراء تداعيات العلاقات السعودية الإماراتية يتمثل في الحرب على اليمن، حيث يدعم بن زايد قوى الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بل يستضيف نجله أحمد في أبو ظبي، لكن المملكة تضرب القوات الموالية لصالح.
واعتبر أن مصر هي الخاسر الأكبر الآخر، حيث خسرت مقرن والفيصل، فقد كانا رابطة الوصل لعلاقات القاهرة مع الرياض، وفقًا للمقال.
التقرير
وكالات