مع بوادر الترتيبات السعودية لعقد مؤتمر حوار يمني، بادرت الادارة الأميركية إلى توضيح موقفها الذي اتسم بالغموض والتردد إزاء ما يجري في اليمن، خصوصًا أن السرعة التي اتخذت فيها السعودية القرار بحشد الدول معها، والتدخل لإنهاء الحالة الانقلابية التي تمثلها ميليشيا الحوثي، هذه السرعة فاجأت الولايات المتحدة، التي أدركت أنها اساءت تقدير الموقف الخليجي بوضعها كل البيض الاقليمي في السلة الإيرانية، تحت عنوان تسوية الملف النووي الإيراني بالتي هي أحسن.
إلى الحل السياسي
فبحسب صحيفة (العربي الجديد)، طرحت الادارة الأميركية ست نقاط على إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الدولي الجديد لليمن، طالبته فيها بقيادة مسار التحول من الحل العسكري إلى الحلّ السياسي الشامل، عن طريق المفاوضات.
فالادارة الأميركية تعلن عن قلق متزايد بشأن تصاعد الأزمة اليمنية، بسبب تزامن الترتيبات لعقد مؤتمر يمني في الرياض لأحزاب سياسية معينة مع تسريبات عن احتمال تسليح بعض الأطراف اليمنية، الممثلة في مؤتمر الرياض، بأسلحة ثقيلة، تخشى الإدارة الأميركية من وصولها إلى تنظيم القاعدة، أو نشوب حرب أهلية في اليمن توسع البيئة الحاضنة للإرهابيين، وتوفر لهم ملاذًا آمنًا ومنطلقًا لتهديد المصالح الغربية، خصوصًا بعدما أعلن العميد الركن أحمد العسيري تزويد السعودية المقاومة الشعبية بسلاح يغير الواقع على الأرض، وأن خيار العملية العسكرية البرية في اليمن لا يزال مطروحًا.
النقاط الست
وقالت مصادر أميركية أمنية، فضلت عدم نشر اسمها، للصحيفة نفسها إن المعلومات المتوافرة للولايات المتحدة عن تطورات الأسابيع القليلة الماضية تؤكد جدية تصريحات عسيري في موضوع تسليح بعض الأطراف اليمنية، الأمر الذي جعل بعض الدوائر في واشنطن تستشعر الخطر من احتمال وصول بعض الأسلحة الثقيلة إلى عناصر القاعدة، أو أن يؤدي الصراع الأهلي إلى تقوية القاعدة في جزيرة العرب.
وقد استدعى البيت الأبيض المبعوث الأممي المعين لليمن على عجل مساء الجمعة الماضي، للقاء مساعدة أوباما لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب ليزا موناكو. وقالت مصادر موثوقة إن الغرض من اللقاء كان التأكيد للمبعوث الجديد على ست ملاحظات، تتعلق بصلب مهمته، وتلخص وجهة نظر الولايات المتحدة في تطورات الأزمة اليمنية.
والنقاط الست هي: تفضيل واشنطن استمرار الرعاية الدولية للمفاوضات السياسية اليمنية، بمشاركة إقليمية تحفظ الدور المنوط بالمجتمع الدولي، دعوة المبعوث الأممي لقيادة تحويل المسار الراهن بسرعة من الحلول العسكرية إلى المفاوضات السياسية، واشنطن ترى أنّ لا جدوى من الحوار السياسي بين الأطراف المتفقة أو المتقاربة في وجهات النظر والمصالح السياسية، وأن التفاوض يجب أن يتم بين الأطراف المختلفة أو المتصارعة، وتأكيد واشنطن دعمها الكامل والقوي للجهود المنتظرة من ولد الشيخ، لاستئناف عملية انتقالية سياسية شاملة، بناء على بنود المبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني اليمني، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، إلى جانب تأكيد واشنطن مكافحة "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، وإشراك كل مكوّنات المجتمع اليمني في حوار سياسي يفضي إلى إشراك الجميع في أدوار سياسية سلمية، وفي مواجهة التهديد المشترك الذي تمثله عناصر تنظيم القاعدة، فضلا عن تحذير أميركي من كارثة إنسانية محتملة، قد تنجم عن استمرار توقف إمدادات الدواء والغذاء، واستعداد للعمل الإنساني لإيصال العون إلى اليمنيين.
مع الأصيل مباشرة
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكثر صراحة في طرح اقتراح علني على السعوديين بتعليق العمليات العسكرية، من أجل تعويض النقص الخطير الحاصل في إمدادات الأدوية والأغذية ومشتقات الوقود لليمنيين، معربًا عن أمله أن تستغل فترة التوقف في فتح أبواب التوصل إلى حل سياسي.
وكان البيت الأبيض اتهم الجمعة الحوثيين وأنصار المخلوع علي صالح بعدم الإيفاء بالتزاماتهم، عقب إعلان السعودية وقف عملية عاصفة الحزم.
والجديد في تصريحات كيري إشارته إلى أن إيران أعربت عن رغبتها في التوصل إلى حل سياسي، في تلميح إلى إمكان إشراك إيران في التوصل إلى حل سلمي في اليمن، باعتبارها داعمة أحد أطراف النزاع.
ونقلت "العربي الجديد" عن مصدر في الخارجية الأميركية، فضل عدم نشر اسمه، اعتقاده بأن على الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن الحديث مع الصغار من وكلاء إيران في المنطقة العربية، وقال: "إذا كان عبد الملك الحوثي أو حزب الله سيعود في النهاية للتشاور مع طهران قبل اتخاذ أي قرار، فما المانع من التحاور مع طهران مباشرة؟".