أعلن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البوروندية الجنرال غودفروا نيومبار، أمس الأربعاء، عزل الرئيس بيار نكورونزيزا الموجود في دار السلام للمشاركة في قمة مخصصة للأزمة الناجمة عن رغبته في الترشح لولاية ثالثة، إلا أن السلطات في البلاد أكدت "فشل الانقلاب".
وأعلن الجنرال نيومباري الذي أقاله الرئيس نكورونزيزا في فبراير الماضي لأنه نصحه بألا يترشح لولاية ثالثة يعتبرها خصومه السياسيون غير دستورية، عزل الرئيس عبر إذاعة خاصة؛ وقال الجنرال نيومباري الذي كان محاطا بعدد من كبار الضباط من الجيش والشرطة ومنهم وزير دفاع سابق: "لقد تم عزل الرئيس بيار نكورونزيزا من منصبه وتم حل الحكومة"، قبل أن يطلب من الجميع "احترام حياة وممتلكات الآخرين"؛ وأضاف الجنرال نيومباري أنه يريد "استئناف العملية الانتخابية" التي تسببت في الأزمة الحالية.
إلا أن الرئاسة البوروندية أعلنت فشل محاولة الانقلاب، وقالت في حسابها على "تويتر" إنه "تمت السيطرة على الوضع، وليس هناك انقلاب في بوروندي"؛ وشددت على أن "محاولة الانقلاب في بوروندي فشلت"، وأن مدبريها "سيحالون إلى القضاء".
في غضون ذلك أجبر الرئيس نكورونزيزا، على العودة إلى تنزانيا، بعدما لم يتمكن من العودة ودخوله إلى البلاد ورفض السماح لطائرته بدخول المجال الجوي لبوروندي.
وواصل جنود موالون لنكورونزيزا أمس سيطرتهم على مؤسسات رئيسية من بينها القصر الرئاسي والإذاعة الرسمية، بحسب شهود عيان؛ وقال الشهود إن الجنود أطلقوا النار لمنع متظاهرين من التوجه إلى مبنى التلفزيون الرسمي والإذاعة.
ولم يتضح على الفور أمس من بات يسيطر على مقاليد الأمور في البلد؛ ورغم ذلك، فإن حشودا تدفقت إلى الشوارع، وجلس بعضهم فوق السيارات، وراح آخرون يغنون ويرقصون في الطرقات؛ وقال شهود عيان إنه لم يكن هناك وجود للشرطة التي يكرهها المحتجون لفضها المظاهرات بالقوة والتي يرى كثيرون أنها موالية لحزب نكورونزيزا.
وكان مقررًا أن يناقش مجلس الأمن الدولي مسألة بوروندي في لقاء أمس مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون؛ وسئل بان عن التطورات الأخيرة في بوروندي فقال للصحافيين: "إننا نتحرى الأمر".، داعياً جميع الأطراف للهدوء، وممارسة ضبط النفس.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: "دعا الأمين العام بشكل عاجل كل الأطراف للتحلي بالهدوء وضبط النفس. وذكر جميع أفراد القيادة في بوروندي بالحاجة إلى الحفاظ على السلام والأمن، في بلاد عانت بشدة من نوبات عنف فيما مضى".
من جهة أخرى قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزارة تتابع أحداث العنف الأخيرة في بوروندي "بقلق شديد" لكنها لا تستطيع تأكيد وقوع انقلاب عسكري، وقال المتحدث جيف راتكي في تصريحات للصحفيين: "بالتأكيد نحن على علم بتقارير من البعض يعبرون عن رغبة في الاستيلاء على السلطة عسكريا؛ لا نستطيع تأكيد ذلك"؛ وأضاف أن الولايات المتحدة قد تتخذ "إجراءات محددة" ضد أفراد يمكن أن يشاركوا في عنف ممنهج أو يدبرون له ومنها تحديدا رفض منحهم تأشيرات دخول الولايات المتحدة.
وقتل أكثر من 20 شخصا وجرح العشرات منذ أواخر أبريل الماضي عندما رشح حزب المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية، الرئيس نوكورونزيزا لخوض الانتخابات لفترة ثالثة في 26 يونيو المقبل.
وتثير الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين القلق في بلد شهد تاريخه الحديث مجازر عرقية ويواجه صعوبات للنهوض من حرب أهلية طويلة (1993 - 2006) لا تزال ماثلة في الأذهان وأودت بحياة مئات الآلاف.
في غضون ذلك قال الجنرال نيومباري: "لقد تشكلت لجنة مؤقتة لإعادة الوفاق الوطني، ومن مهامها إعادة الوحدة الوطنية، واستئناف العملية الانتخابية في أجواء هادئة ومنصفة"؛ ويحظى الجنرال نيومباري بالاحترام، وكان قد أقيل من منصبه رئيسًا للاستخبارات في فبراير الماضي بعد أن عارض محاولة الرئيس البقاء في الحكم.
وتؤكد جماعات معارضة وحقوقية أن ترشيح نكورونزيزا نفسه لولاية ثالثة غير دستوري، حيث إنه في الحكم منذ 2005. إلا أنه يقول إن ولايته الرئاسية الأولى لا تحتسب لأنه انتخب من قبل البرلمان وليس من قبل الشعب مباشرة؛ وقد رفض معارضو ولاية ثالثة قرار المحكمة التي يعتبرونها خاضعة للسلطة، فيما فر نائب رئيس المحكمة سيلفير نيمباغاريست من البلاد عشية صدور هذا القرار، رافضا توقيع قرار "فُرض" على القضاة عبر ضغوط وتهديدات، كما قال؛ وفر أكثر من 50 ألف بوروندي إلى الدول المجاورة خلال الأسابيع الأخيرة.
وخرجت مظاهرات جديدة أمس؛ حيث سار مئات المدنيين باتجاه مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسميين، فيما عادت (إذاعة أفريقيا العامة) المؤثرة التي أغلقت في بداية الاحتجاجات إلى البث، وسمع صوت كولونيل في الجيش يأمر جنوده بحماية المبنى وقال: "لا تطلقوا النار على المدنيين. أطلقوا النار في الهواء. علينا حماية التلفزيون والإذاعة الرسميين".
وتوجه نكورونزيزا في وقت سابق من أمس إلى دار السلام في تنزانيا المجاورة حيث التقى رؤساء دول شرق أفريقيا في قمة استثنائية لإيجاد حل للأزمة، ويلتقي الرئيس بزعماء المجموعة المؤلفة من بوروندي وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا.