دخل هذه المهنة مبكرا وتفانى فيها حتى أضحى من أشهر عبيدها الراكضين في الأغلال، هاجر في بلاده شرقا وغربا مستكشفا كل ما يريده سيده وربما يزيد عليه كثيرا مما يهواه هو، فصاحبنا مولع بالاستكشافات النادرة، التي سيجلب منها الأسياد لاحقا أكثر مما كانوا يجلبون منها سابقا في قوافل العبيد والملح السائرة في هذه الصحراء.
أحمدو ولد الندى مسافر مرهق في رحلة سرمدية نحو الاكتشاف والاستقصاء، جاب الصحراء الكبرى وخاض غمارها وعاش قيظها ليعود بصوره وتقاريره من "تفاريتي" التي كانت ثروة كبرى لسيده المتفاخر على رفاقه بأنه يملك عبدا طيعا مثل أحمدو ولد المصطفى ولد الندى.
عندما اندلعت حرب شرسة في أزواد أراد السيد أن يتخلص من عبده فبعثه إلى نيران الحرب الطائشة حتى يكتشف له أسرار الحرب أو يموت عنه فيسريح منه، وهنالك التقيناه على مشارف تمبكتو في ليلة داجية لا يسود فيها غير الرصاص والرصاص فقط، عندما كانت "تمبكتو" بين نصفين نصف جنوبي للحركة الوطنية لتحرير أزواد تسيطر والنصف الآخر لجماعة أنصار الدين، فقضى العبد أياما هنالك ثم غادر باتجاه غاو، ليغود غانما بأخبار الحرب، ويكون السيد متأسفا أن الرصاصات الطائشة لم تقض عليه،
وأخيرا في مدينة ازويرات شد رحاله إلى السواعد المنجمية الصامدة فكان إلى جانب زملائه العمال المضيعة حقوقهم فقضى أسابيع يغطي الإضراب بكل تجرد ومهنية.
ولد الندى ذلك العبد الصحفي المرهق بأتعاب مهنة تجري في شريانه حتى ولو لم ينل حقوقه، ولم يكرم بما يتناسب مع تضحياته الجسام.
فله منا كل التحية والتقدير.
مختار بابتاح