شبكتنا هذه المرة اصطادت اصطياد أحد العبيد المرهقين، ما تزال آثار السياط بادية على ظهره، بعد أن نفذ عرقه قبل سني القحط الخوالي، أيام كان مع سيده يرعى المواشي، في مرابع الأسياد، بينما يتكئ سيده على قفاه كل يوم على ثمرة عضلات العبد المذكور.
عزيز ولد الصوفي، صحفي من أبرز الصحافة الموريتانية وبات نجما في دفاعه المستميت عن قضاياهم ومهنتهم الشريفة، نظيف كمياه الأمطار، يزاحم النجوم في لألائها في الشهرة والترفع عن الدنايا، ويدفع ثمن ذلك باتهامه كل مرة بالخيانة.
كم عشت معه أيام المهنة وأتعابها فكان عزيز المضحي وعزيز المتفاني، وعزيز الباسم في كل مرة، مرتان لن أنساهما عندما دعاني لزيارة مكب "تيفيريت" شرق العاصمة نواكشوط، تنفسنا مع سكان القرية ذلك الهواء الذي لا اريد أن أتحدث عنه والمقام مقام زميل بشوش كريم.
أما المرة الثانية فكانت في رحلة الصحراء الشاقة نحو "تفاريتي" ومخيمات اللاجئين الصحراويين، وما بين "تيفيريت" و"اتفاريتي" تتلخص قصة شاب مهموم بقضايا وطنه وأمته، مهموم بقضايا مهنته، يحاول جاهدا تنظيفها من الدخلاء، ويطلق مبادرة كانت أقرب إلى العبثية، فهو يريد تنقية الحقل الصحفي من "البشمركة" وهي مهمة لم يطمح لها أحد قبله، ولا أعتقد أنها ستنجح، فكثير اللبن يضره قليل من السم، فما بالك بأن يكون السم هو الغالب الأعم.
سافر المغاتل الأشوس إلى الداخل في تغطية زيارة الرئيس وهو في موقف محرج جدا، فهو لا يريد أن يرافق "الشمركة" كما أنه حريص على تغطية الزيارة، وقضى يومين يلح علي ويقول "أريد مرافقتك أنت وأنت فقط، لأنني أحسبك من الصحافة النظيفين، وأخاف من أولائك المتسولين..." وهي شهادة أعتز بها من صحفي ثائر مثل عزيز ولد الصوفي.
حفظه الله من البشمركة ومن كيد الأعداء ومن الحساد، وأخيرا أوصيه بالصبر وأقول له "يفوز رجال بفوز أخرى..".
مختار بابتاح