في مبادرة إماراتية إنسانية عالمية جديدة للتخفيف من معاناة الأطفال حول العالم، أطلقت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الرئيس المؤسس لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، سفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان للإعلان العالمي للسرطان، سفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لسرطانات الأطفال، وبالتعاون مع الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، "الصندوق الدولي لسرطان الأطفال"، الهادف إلى تقديم الدعم للأطفال المصابين بالسرطان، وتسريع عملية إنقاذ أرواح الأطفال المصابين به حول العالم، والذي تتجاوز عدد الوفيات بسببه 90 ألف حالة سنوياً بين الأطفال في مختلف دول العالم.
وسيعمل الصندوق، الأول من نوعه على مستوى العالم، على توظيف الوعي والاهتمام العالمي تجاه مرض السرطان وصحة الأطفال، وإدراج هذا المرض على أجندة أعمال التنمية، بما يسمح للمنظمات والمؤسسات العالمية المعنية بمكافحة السرطان بالتعاون مع الحكومات المحلية بشكل أفضل، لتشخيص وعلاج الأطفال المصابين بالسرطان. كما سيقوم الصندوق بجمع التبرعات وتقديم الدعم المالي والمادي لحملات التوعية المحلية والإقليمية، إلى جانب تعزيز القدرات في مجال الرعاية والعلاج، وتمويل مشاريع الإغاثة في حالات الطوارىء، وذلك في مجال علاج الأطفال المصابين بالسرطان ورعايتهم.
جاء إطلاق الصندوق خلال فعالية أقيمت مساء أمس الأول (الثلاثاء) في العاصمة السويسرية جنيف، شهدتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، بحضور البروفيسور تيزير كوتلوك، رئيس مجلس الإدارة للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والدكتور كاري آدمز، الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، وعدداً من أعضاء الاتحاد، كما شهدت الفعالية حضور أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وسعادة عبيد سالم الزعابي المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، والدكتور إتيان كروغ، مدير منظمة الصحة العالمية لإدارة الأمراض غير المعدية، وحشد من الخبراء والمعنيين وممثلي الجمعيات المعنية بمرض السرطان من حول العالم.
رافق سموها سعادة أميرة بن كرم، رئيس مجلس الأمناء وعضو مؤسس لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، وسوسن جعفر عضو مجلس الأمناء لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، ونورة النومان، مدير عام المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر القاسمي، وإرم مظهر علوي، المستشار الإداري للمكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر القاسمي.
وأعلنت سمو الشيخة جواهر القاسمي عن تقديم مبلغ مليون دولار أمريكي، من خلال مؤسسة القلب الكبير، ليشكل أول إيرادات "الصندوق الدولي لسرطان الأطفال"، معربة عن سعادتها بإطلاق "الصندوق الدولي لسرطان الأطفال" الذي يحقق أحلام ملايين الأطفال الذين يتهددهم خطر الإصابة بهذا المرض، وخاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، التي تشهد وفاة ثمانية أطفال من بين كل عشرة مصابين حول العالم. وأكدت على أن الصندوق سيسهم في إنقاذ أرواح نحو 30 ألف طفل سنوياً في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، من خلال المشاريع والمبادرات التي سيدعمها.
وقالت سموها : "ما قيمة المال إذا لم يخفف معاناة البشر؟ ألا تصبح حياتنا أجمل عندما يعيش أطفالنا في ظروف صحية أفضل، وحياة بعيدة عن كل ما يهدد سلامتهم وصحتهم النفسية والجسدية؟ إن التضامن الدولي ضروري للحد من الوفيات بين الأطفال ومنحهم فرصة الاستمتاع بالحياة، وهذا الأمر يتطلب موارد مالية كبيرة ودعم حكومي ومجتمعي، وزيادة الدعم المقدم إلى أنظمة العلاج، وخاصة في مجال أورام الأطفال، للمساهمة في تقليل الوفيات بنسب تتراوح بين 40-50% وهذا إنجاز كبير ينبغي أن يكون هدفاً رئيسياً نعمل جميعاً من أجله".
وأشارت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة إلى أن التحدي الرئيسي في إصابة الأطفال بالسرطان يتمثل في صعوبة تحديد عوامل الخطر التي ينبغي التدخل الطبي عندها، على عكس الكبار الذين يمكن اكتشاف إصابتهم بالمرض من خلال برامج التوعية والفحص، مضيفة أن انخفاض معدل الوفيات بسرطان الأطفال يرتبط عادة بالأنظمة الصحية القوية، التي يمكن أن تقوم بالكشف الدقيق في الوقت المناسب، ومن ثم التشخيص والعلاج الفعال، ولذلك يمكن شفاء معظم حالات سرطان الأطفال عبر توفير العلاج الفوري والضروري مجاناً.
واعتبرت سموها أن تأمين الرعاية والعلاج والدعم للأطفال المصابين بالسرطان أمر بالغ الأهمية في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، ويجب أن يكون على أجندة اهتمامات المنظمات والهيئات الصحية والإنسانية على المستوى الدولي، لأن مرض السرطان لا يميّز بين الأطفال في بلد وآخر، وإنما يستهدف الجنسيات والأعمار كافة. وثمنت كل جهد يبذل في سبيل زيادة معدلات الشفاء من السرطان في الدول التي لا تمتلك شعوبها موارد مالية كافية للحصول على العلاج.
ودعت سمو الشيخة جواهر القاسمي كافة الجهات والهيئات والمؤسسات حول العالم إلى دعم هذا الصندوق ليكونوا مساهمين فاعلين في شفاء العديد من الأطفال، خاصة أن معظم سرطانات الأطفال قابلة للشفاء، متى توفر العلاج المناسب لها، وأكدت أن العمل مع الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لإدارة الصندوق، يرجع إلى خبرته الطويلة في هذا المجال، واحترافيته في العمل مع كبار العلماء والأطباء والباحثين حول العالم، والتدخل في الوقت المناسب للحد من فرص الإصابة بالسرطان في مناطق مختلفة حول العالم.
وأشاد البروفيسور تيزير كوتلوك، بما تقوم به سمو الشيخة جواهر القاسمي من جهود في هذا الشأن، وقال: "نثمن دور سمو الشيخة جواهر القاسمي على تفانيها في مساعدة الأطفال المصابين بالسرطان، ونحن سعداء بالعمل معها ومع جمعية أصقاء مرضى السرطان في هذه المبادرة المهمة".
وأضاف كوتلوك: "كوني أخصائي أورام أطفال، أدرك أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الأطفال المصابين بالسرطان في كافة أنحاء العالم، لا سيما الذين ينتمون إلى الفئات الأكثر فقراً والذين ليس لديهم القدرة على الوصول إلى البنية التحتية الصحية. وبالرغم من التوصل إلى العديد من العلاجات الفعالة لسرطان الأطفال والتي أسهمت في زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة إلى حد كبير على مدى السنوات الخمسين الماضية، إلا أن عدم توفر هذه العلاجات أو إتاحتها لعدد كبير من الأطفال يشكل مصدر قلق كبير لنا".
من جهته أعرب الدكتور كاري آدمز، عن تقديره وامتنانه للمساهمات والجهود التي قدمتها سمو الشيخة جواهر القاسمي، وقال: "إن التزام سموها برؤيتنا الهادفة إلى تقديم المساعدة لجميع الأطفال المصابين بالسرطان، وإعطائهم فرصة البقاء على الحياة، بغض النظر عن أماكن إقامتهم والدول التي يعيشون فيها، يستحق كل التقدير والثناء، حيث سنتمكن من خلال الدعم الذي قدمته لنا بتعزيز حركة المجتمع المدني، والدعوة إلى المزيد من الاهتمام والدعم للأطفال المصابين بالسرطان".
وأشار الدكتور كاري آدمز إلى انتشار التشخيص المتأخر للكثير من حالات الأطفال الذين يعيشون في المناطق الأشد فقراً في العالم بالرغم من وجود الخدمات العلاجية المناسبة، مؤكداً على ضرورة الوصول إلى التشخيص والعلاج والرعاية في الوقت المناسب، حيث أن التفاوت الزمني بينهما أمر غير مقبول، لافتاً إلى عدم قدرة العديد من الأسر على تحمل تكاليف علاج سرطان الأطفال، ما يضطرهم إلى اتخاذ قرارات مؤلمة بخصوص علاج أطفالهم المرضى.
وخلال الفعالية قام رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والرئيس التنفيذي للاتحاد بتسليم سمو الشيخة جواهر القاسمي تكريماً خاصاً من الاتحاد كتقدير دولي على الجهود التي بذلتها سموها خلال السنوات الماضية لمكافحة سرطان الأطفال حول العالم، والمساهمة في التخفيف من معاناة الأطفال المصابين به.
وتشير الأرقام إلى أن السرطان يعتبر السبب الثاني للوفاة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5-14 عاماً، وحتى في الدول ذات الدخل المرتفع. كما تتجاوز معدلات بقاء الأطفال المصابين بالسرطان أحياء لمدة خمس سنوات الـ90% في الدول المرتفعة الدخل، في حين تنخفض هذه النسبة إلى 10% في الدول منخفضة الدخل. ويتم تشخيص نحو 176 ألف حالة سرطان أطفال كل عام على مستوى العالم. ويمكن أن يساهم توفر العلاج في الحد من هذه الإصابات بنسب مرتفعة جداً إذا تم تقديمه خلال وقت مناسب.
ويأتي إطلاق "الصندوق الدولي لسرطان الأطفال" بعد نحو أسبوعين من اختتام الزيارة التي قامت بها قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، إلى مستشفى سرطان الأطفال "57357 " في العاصمة المصرية القاهرة، والذي يعتبر أحد أكبر المستشفيات المتخصصة في علاج سرطان الأطفال بأنواعه المختلفة مجاناً في العالم العربي. وطالبت سموها خلال الزيارة بالعمل على توفير العلاج المجاني والرعاية الصحية والنفسية لكافة الأطفال المصابين بالسرطان حول العالم، مؤكدة على أنها تقوم بعمليات بحث مستمرة بالتعاون مع الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لسرطانات الأطفال من أجل إيجاد وسائل ناجعة تسهم في الحد من حجم المعاناة التي يخلّفها سرطان الأطفال على الأفراد والعائلات والمجتمع.
ولتحقيق هدفه الرئيسي المتمثل بتعزيز القدرات في مجال الرعاية والعلاج، سيقدم "الصندوق الدولي لسرطان الأطفال" ثلاث منح سنوية، تتمثل الأولى منها في "المنح الدراسية" التي ستقدم إلى واضعي السياسات، وذلك بهدف تشجيع القدرات القيادية لتطوير والاشراف على خطط علاج سرطان الأطفال، كما تدعم تطبيق الأبحاث في العلاج والرعاية فضلاً عن تعزيز آلية المتابعة والتقييم. فيما تخصص المنحة الثانية لـ"حملات مكافحة سرطان الأطفال"، حيث ستمنح للحملات المبتكرة التي تعزز نهج الصحة العامة لسرطان الأطفال في سياق صحة الطفل والأمراض غير المعدية.
أما المنحة الثالثة فستخصص لـ"لتدريب وبناء الخبرات لمكافحة سرطان الأطفال" وستركز على جودة، ونمو واستدامة خدمات وبرامج معالجة سرطان الأطفال والعمل على دمجها في برامج صحة الأطفال والمراهقين على المستوى الوطني. وستحظى المنح الثلاث بدعم وتشجيع وزارات الصحة بالدول المعنية باعتباره شرطاً أساسياً للحصول على التمويل. وبالإضافة إلى منح الصندوق، ستتم إدارة مشاريع الإغاثة الطارئة من قبل الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان بالنيابة عن قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة.
وسيتم تمويل انطلاقة "الصندوق الدولي لسرطان الأطفال" من خلال تبرع شخصي من قبل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، مع العمل على جمع التبرعات والدعم الجهات الأخرى من أجل استمراية خدمات الصندوق، وتوسيع تطوير مشاريعه ومبادراته. وسيتولى الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان مسؤولية إدارة الصندوق، اعتماداً على برنامج سرطان الأطفال، وعلى خبرة الاتحاد التي تتجاوز 50 عاماً في إدارة المنح التعليمية والتدريبية التي تركز على قواعد وأساسيات مكافحة السرطان وفق أحدث المعايير الطبية العالمية.
وسيقوم الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان بتعيين لجنة استشارية تتألف من ستة خبراء في مجال سرطانات الأطفال على الأقل، ممن يتمتعون بالخبرة في مكافحة سرطانات الأطفال بالدول النامية، إضافة إلى استشاري واحد في مجال الصحة. كما سيتم تشكيل فريق عمل الصندوق الذي سيعمل عن كثب مع اللجنة الاستشارية ويتولى تقديم التقارير الدورية إلى جمعية أصدقاء مرضى السرطان في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان مجلس إدارة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان قد اختار في شهر يونيو 2013 قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سفيرة دولية للإعلان العالمي للسرطان، وأول سفيرة دولية للسرطان لسرطانات الأطفال في العالم، ضمن برنامج الإعلان العالمي للسرطان. وجاء اختيار سموها لهذا المنصب تتويجاً لجهودها الكبيرة على المستويين المحلي والدولي في دعم السياسات الرامية إلى تعزيز الجهود لمكافحة مرض السرطان بأشكاله كافة، وإطلاق المبادرات لرفع الوعي العام بين أفراد المجتمع بخطورة المرض وضرورة الكشف المبكر عنه، والعمل على تأمين أفضل السبل لعلاج المرضى والعناية بهم وبعائلاتهم.
وعلى مدى العامين الماضيين، قامت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي بالعديد من النشاطات والفعاليات في إطار جهودها لدعم ومساندة الأطفال المصابين بالسرطان حول العالم، حيث قامت سموها في عام 2013، بزيارة مستشفى الأطفال للسرطان في لبنان والتابع لمستشفى سانت جود لبحوث الأطفال بالولايات المتحدة، وقدمت مكتبة تضم العديد من كتب الأطفال هدية للمستشفى. وإضافة إلى ذلك، تعمل سموها من خلال جمعية أصدقاء مرضى السرطان التي أسستها في الشارقة عام 1999 على ربط برنامج سرطانات الأطفال التابع للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان مع مبادرة مهمة أخرى برئاستها تحت مسمى "سلام يا صغار"، وهي حملة تم إطلاقه في العام 2007 لتحسين المستوى الصحي والتعليمي والمعيشي للأطفال في فلسطين.
وفي أبريل 2014، شاركت سموها في فعاليات "المؤتمر الأفريقي الحادي عشر للجمعية الدولية لمكافحة أورام الأطفال" الذي أقيم بالعاصمة التنزانية دار السلام بالتعاون مع الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والاتحاد الدولي لرابطة أطباء سرطانات الأطفال، ودعت سموها خلال مشاركتها إلى ضرورة أن تكون الاستراتيجيات الوطنية لمواجهة سرطانات الأطفال جزءاً أساسياً من جميع البرامج الوطنية لمكافحة السرطان والأمراض غير المعدية في مختلف دول العالم، ولا سيما في الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل.