ضيوف مصر والدعوات الخبيثة/ يوسف عيد

أربعاء, 2024-07-03 09:18

 

في عام 2022 وحده، ولد 48.2%  من المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا في أفريقيا، ودول الميلاد الأكثر شيوعاً للمهاجرين في البلاد هي الجزائر (12.5%)، والمغرب (11.9%)، والبرتغال (8.2%)، وتونس (4.7%).

 

كثرت في الآونة الأخيرة دعوات لطرد (اللاجئين) ومنع دخول الإخوة العرب الذين ابتليت بلادهم بحروب وأزمات سياسية وصار الأمن منعدماً ولقمة العيش باتت مستحيلة، بحجج كثيرة واهية، منها المزاحمة في فرص العمل وارتفاع أسعار العقارات تمليكاً وتأجيراً، وازدحام المواصلات ووسائل النقل، والشجارات والفوضى، وأزمة الكهرباء… وغير ذلك الكثير، وكأننا كنا نعيش في رخاء منقطع النظير.
ونسي هؤلاء المنساقون أو تناسوا أموراً كثيرة، منها أن المصريين من أكثر شعوب العالم هجرةً في نصف القرن الأخير، بحثاً عن فرص عمل أو ابتغاء سعة في الرزق، من قِبَلِ الشباب والرجال الذين ضاقت عليهم فرص العمل فاضطروا إما إلى العمل في وظيفتين أو ثلاث، أو لم يجدوا حتى  فرصةً واحدةً.
وربما كان من ضمن هؤلاء الدعاة المغالين والعنصريين من قضى نصف عمره متنقلاً بين بلاد الله ومنها هذه البلاد التي يطالب هو بطرد ضيوفها ولاجئيها..

أعتبر هذه الدعوات مارقة ودخيلة على المجتمع المصري الذي عُرف بكرمه ونبل أخلاقه وحسن ضيافته للغريب والقريب. وربما تكون نابعةً من البعض للتغطية على بعض العجز الإداري في مفاصل الدولة.
أقول هذا حتى لو كان هؤلاء الضيوف (اللاجئون) لا يفتتحون مشاريع صغيرة أو كبيرة ويُوجِدون فرص عمل لهم ولغيرهم حتى من الشباب المصري الباحث عن عمل.
أقول هذا وأنا أعلم أن البعض يشعر بضيق ممن يفد إليه سواء في مدينته التي يقطن بها حتى من المصريين أنفسهم أو مصر بصفة عامة، وكأن القاعدة أن أهل الإسكندرية لا يصح أن يأتي إليهم أبناء مدينة سوهاج مثلاً للبحث عن فرصة عمل، كما لا ينبغي أن يسافر أهل الدلتا إلى القاهرة ليستقروا فيها في رحلة الدراسة والعمل..
وربما يشعر هؤلاء بالضيق حتى من أهله وذوي رحمه ممن يطرقون بابه لزيارة عائلية.
وهؤلاء وأولئك يصدق فيهم قول الشاعر:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها…  ولكن أخلاق الرجال تضيق
كما أنهم تناسوا قول الله: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره). 
فما بالنا بالإخوة والأهل شركاء الدين والدم والعرق واللغة والمصير؟!
وفي الختام المجتمعات القوية والمتطورة مجتمعات تستوعب وتهضم وتؤثر وتتأثر بالحضارات الأخرى، ولا تنغلق على أنفسها فتتقوقع في شرانق متعفنة، فالمجتمع المصري سبق له أن استوعب الطليان واليونانيين والشوام وغيرهم، فقويت حضارته وازدادت إنسانيته.

اقرأ أيضا