قذفت به الأقدار فجأة إلى قاعة البرلمان، ليجد نفسه "ممثلا" عن الشعب، في مسرح لا يجيد الوقوف على خشبته طويلا.. بعد عام على وجود محمد غلام في المكان الخطأ اتضح في ما بعد أن الرجل "ممثل" مسرحي أكثر من كونه ممثلا للشعب..
قيل إن حزب "تواصل" الذي ينتمي إليه وجد صعوبة كبيرة في فهم ألاعيب هذا المراهق السياسي، واضطر، بسبب حماقات النائب المحترم إلى إلغاء فكرة اختياره رئيسا لمؤسسة المعارضة الديمقراطية، مع أنه كان الأولى بها من الناحية التنظيمية، إذ يشغل منصب نائب رئيس الحزب ونائب رئيس الجمعية الوطنية، وتم استبداله بعمدة عرفات القادم من الصفوف الخلفية لتنظيم الإخوان.
عرف الموريتانيون- او بعضهم على الأصح- محمد غلام ولد الحاج الشيخ إبان وجوده في ما يسمى الرباط الوطني، الذي كان من بين مهامه غسيل الأموال تحت يافطة جمع التبرعات لـ"غزة"، وهي تبرعات تتعرض من وقت لآخر لـ"السرقة" على يد "لصوص" يقتحمون مقر الرباط في الثلث الأخير من الليل، ويكتفي القائمون على الرباط بإصدار بيان "يعتذر" للمتبرعين عن سرقة "تبرعاتهم"، وتسجل "الجريمة" ضد "مجهول"، علما أن الأمن الوطني نجح في اعتقال جميع اللصوص بمجرد معاينة مكان الجريمة، باستثناء "لصوص" الرباط.
خلال مسيرات الرحيل ذهب ولد الحاج الشيخ إلى تهديد من لم يشاركوا في التظاهرات قائلا في مهرجان شعبي بملعب العاصمة نوفمبر 2012 "نحن نعرف أن بعض المخلفين سيلتحقون بنا غدا حينما نتسلم مقاليد الأمور ويدعون أنهم كانوا لنا سندا في معركة ترحيل نظام العسكر، لهؤلاء نقول إن من لم يلتحق بنا اليوم لا مكان له في موريتانيا الحرية والعدالة التي سنقيمها بحول الله..".. لم يستلموا مقاليد الأمور، ولم يلتحق بهم أحد.. كانت التقديرات سيئة، والثورة التي لم تتجاوز الحبال الصوتية للسيد النائب، وتقارير قناة "الجزيرة" وفتاوى علماء الإخوان، لم ولن تنبلج شمسها..
أدرك إخوان ولد الحاج الشيخ أن المعركة خاسرة، وأنه لا قبل لهم بمقارعة نظام ديمقراطي تتجذر أسسه ومنطلقاته يوما بعد آخر على هذه الأرض العصية على الفاشلين سياسيا.. نظام وجدهم مشردين في المنافي والسجون، وفتح لهم ابوابا من الحرية ما كانت تخطر لهم على بال.
في انتخابات 2013 شارك الإخوان بقوة، عبر أكثر من 100 لائحة انتخابية، في الوقت الذي قاطع حلفاءهم في المعارضة هذه الانتخابات، ودخل غلام إلى البرلمان في غفلة من التاريخ.
يتحدث غلام في الجمعية الوطنية عن ما يعتبره وثائق، ويلوح بأوراق بيضاء في الغالب، ويضعها بجانبه، دون أن يسلمها لمقرر الجمعية أو رئيسها كما جرت العادة والعرف في كل برلمانات الدنيا.
ولأن الرجل لايحمل من المؤهلات الفكرية والثقافية ما يخوله الدفاع عن رأيه، تميز عن زملائه في الجمعية الوطنية بتصرفات غريبة، فاجأت قادة ونواب حزبه قبل غيرهم. أحد النواب التواصليين دأب على ترديد عبارة "لابشرى هذا غلام" كلما ظهر نائب الرشاء على منبر الجمعية الوطنية.
من مساوئ الديمقراطية في العالم أنها تنظر للإنسان كرقم في قائمة التصويت بغض النظر عن مستواه الفكري والعلمي والسياسي، يستوي في ذلك العالم العامل، والمثقف المتنور، مع راعي الغنم، ونائب الرشاء محمد غلام ولد الحاج الشيخ..!!
ولله في خلقه شؤون..