مساء الخامس نوفمبر الجاري، شهر الاستقلال والتحرر، وضع فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وفريقه الحكومي اللمسات الأخيرة على "البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة نواكشوط"، وهو باكورة المشاريع الكبرى للمأمورية الجديدة لرئيس الجمهورية محمد الشيخ محمد احمد الغزواني وسمي الاستعجالي لان مشمولاته جديدة غير مكررة ولأن مدة تنفيذه قصيرة.
تجاوز السقف المالي المخصص للمشروع الاستعجالي 50 مليار أوقية، كلها من ميزانية الدولة الموريتانية، بل ومقتطعة من ميزانيات التسيير، ومن بنود أخرى تعد تنمية العاصمة التي تقترب من نصف إكمال عقدها السابع أكثر استعجالا منه.
يحمل البرنامج الاستعجالي الجديد العديد من المشاريع التي تعرفها عاصمة البلاد لأول مرة في تاريخها، وقبل ذلك تحسين واقع الخدمات الأساسية في المدينة، وتعزيز مقومات عصرنتها.
بدا البرنامج الجديد مختلفا في كل شيء، من مبلغه المالي الضخم، إلى أجله الزمني القليل، إلى تكامله مع المشاريع التي كانت قائمة دون تأثير عليها، إلى انطلاقه من التخطيط القاعدي، من خلال إشراك السلطات الإدارية المحلية، والمنتخبين الميدانيين، في التصور، والتنفيذ والرقابة والمتابعة.
ستعرف نواكشوط خلال أشهر قليلة، تغييرا معتبرا – وإن شئت قل جذريا – على مستوى الطرق، وتوفر الخدمات الأساسية، وتوسع العرض المدرسي والصحي، وتنوع البنية التحتية الشبابية والرياضية.
وسيحظى أحد المواقع الاستراتيجية في المدينة بنصب تذكاري وطني مميز، يخلد تراث البلاد، وماضيه الثقافي، ويعطي خصوصية حضارية.
كما ستعرض العاصمة – لأول مرة - تحويل البرك المائية التي كانت منتشرة فيها إلى بحيرات بيئية ذات بعد جمالي، ما يضفي مزيدا من الخصوصية عليها، ويكمل مشهد الساحات الخضراء التي ستتم زيادتها، وتهيئتها.
العرض الصحي في المدينة سيتعزز بـ32 مركزا صحيا جاهزا، 14 منها جديدة، فيما ستتم إعادة تأهيل 9 مراكز صحية، وتحويل 9 نقاط صحية إلى مراكز صحية، وهو ما سيساهم في تقريب الخدمة من المواطنين، وتخفيف الضغط على المستشفيات.
كما سيتوسع ويتنوع إنشاء وانتشار المدارس، لاستيعاب كل التلاميذ في مستويات الابتدائية، وتحضير التعليم الثانوي لاستقبال كل من وصلوه، وذلك عبر بناء 11 مدرسة أساسية جديدة، و19 مؤسسة ثانوية مكتملة، وإعادة تأهيل أو توسعة 190 مدرسة أساسية، و21 مؤسسة ثانوية قائمة، إضافة لإقامة أقسام نموذجية للتعليم ما قبل المدرسي في بعض المدارس الأساسية.
خدمة الكهرباء، نالت حظها من الاهتمام ضمن البرنامج الاستعجالي، وذلك بهدف توفير هذه الخدمة الحيوية في كل أرجاء المدينة وضمان استمراريتها، من خلال مد 150 كلم من الخطوط الكهربائية ذات الجهد المنخفض، واستبدال 40 كلم من الخطوط الكهربائية التالفة في الشبكة الحالية، وتركيب ستة خطوط انطلاق جديدة، واقتناء أربع نقاط توزيع متنقلة بقوة 15kv & 33kv/0,4kv، وتركيب 36 مركز تحويل كهرباء.
وللطرق مكانتها ومحوريتها ضمن البرنامج الاستعجالي الذي يحظى باهتمام خاص من الرئيس، وتتابعه لجنة وزارية، وسيتم في هذا المحور بناء طريق التفافي حول مدينة نواكشوط بطول 50 كلم، فيما سيتم تعبيد 68 كلم داخل المدينة، وستستفيد منها جميع بلديات المدينة التسع.
كما سيتم توسيع وتحسين طريق نواكشوط جسر المطار الممتد على طول 17 كلم.
ولأن المدينة، عانت بسبب نقص الماء طويلا، وحان وقت حل المشكل، أو تخفيف إشكاله لأدنى حد، فإن البرنامج الاستعجالي يتضمن إعادة تأهيل محطات التخزين والضخ في الميناء، والمركب الجامعي، وعين الطلح، وتوجنين (تغطي المحطات كل أطراف المدينة)، إضافة لشق أنابيب جديدة لربط المحطات من أجل تحسين توزيع كمية المياه المتوفرة، وتزويد الأحياء التي تعاني من شح المياه.
البرنامج الاستعجالي يضم محورا يتعلق بالصرف الصحي، ويعمل على دعم البنية التحتية لصرف مياه الأمطار عبر وضع شبكات جديدة في الأماكن المنخفضة، وردم المستنقعات، وسينضاف هذا العمل للمشاريع الأخرى التي انطلقت أو ستنطلق في مجال الصرف الصحي في العاصمة.
وفي مجال الشباب والرياضة، تضمن البرنامج الاستعجالي بناء وتجهيز ملعبي الميناء والسبخة بمنصات متحركة وقابلة للتوسيع، إضافة لبناء مسبح شبه أولمبي سعته ألف، هو الأول من نوعه في البلاد، فضلا عن بناء قاعة متعددة الوظائف من 400 مقعدا.
كما سيتم العمل في محور البيئة والتنمية المستدامة، على تحويل البرك المائية الراكدة إلى بحيرات بيئية، وإنشاء مساحات خضراء جديدة، وتشجير وتجميل بعض المحاور الطرقية الرسمية.
مما يميز هذا البرنامج أن مكوناته الثمانية تغطي مختلف الجوانب المهمة للحياة في العاصمة نواكشوط، وتراعي أولوياتها، وأنها فوق ذلك تعد تكملة للمشاريع الجارية وليس بديلا عنها ولا تكرارا لها. أي أن المشاريع المتضمنة في هذه البرنامج مشاريع جديدة تنضاف للمشاريع التي كانت قائمة، وتكملها، وتغطي نقصها في مجالات التعليم، والصحة، والماء، والكهرباء، والطرق، والصرف الصحي، والبنى التحتية الرياضية والشبابية والترفهية.
كما يمتاز بأنه يعالج مشاكل واقعية، ويسعى لتحسين الحياة العامة في العاصمة خلال 16 شهرا، وهو تحد ألزم فخامة الرئيس الحكومة بكسبه، ويتابع معها مستجداته وخطوات إنفاذه أولا بأول.
وقد ساعد إشراك السلطات الإدارية والمنتخبين المحليين في البرنامج، في تبنيه، وتركيزه على الأولويات المحلية، وضمان تنفيذه وفق أفضل الشروط والمتطلبات الفنية المطلوبة.
كما أن البرنامج – وهذا يحسب لمن خططوا له - يهيئ البنية التحتية في العاصمة نواكشوط بشكل استشرافي للمشاريع قيد الإنجاز أو التي سيتم انجازها مستقبلا سواء في الطاقة أو الماء الصالح للشرب، أو غيرهما من المجالات، ويتضمن حلولا استعجالية لفك العزلة، والصرف الصحي، قبل اكتمال المشاريع المتعلقة فيها، وخصوصا مشروع الصرف الصحي الذي سيكلف 70 مليار أوقية.
لقد اختار فخامة الرئيس هذا البرنامج الاستعجالي ليكون باركوة مشاريعه الكبرى في بداية المأمورية الجديدة، وانتقى للإعلان عنه بدايات شهر نوفمبر، ووفر له حاجته المالية من ميزانية الدولة، واختار له فريق متابعة يشرك الجميع مسؤولين سامين، ومنتخبين موالين ومعارضين، ومواطنين ميدانيين، وهو فعلا باكورة، وبقية البرنامج والمشاريع الكبرى قادمة في قابل الأيام بحول الله تعالى.. وإن غدا لناظره لقريب.