الإعلامي/ محمد محمود ولد بكار
بدأ منذ بعض الوقت الإعلان عن ظهور أنصار للطائفة الشيعية في البلد، وكأنه حدث مصنوع أو تحت الطلب، وعلى كل تقدير لا يمكن إخفاء علاقة ذلك بوجود سفارة إيرانية في نواكشوط.إن وجود متشيعين أقحاح يثير القلق .وإن كانت هذه الجماعة إنبجست بمعجزة فعلى مسار هذا المجتمع
لم تظهر أي دعوة شيعية تترك أثرا أو أشياعا ، ومع ذلك يتم الترويج لأنصار هذه الطائفة فجأة بالآلاف ، لقد أعلن عن هذا الحسد بسرعة تشبه لحد ما الاكتتاب. وعلى إثر أي مجاراة لهذا الادعاء في تقدير حجم هذه الطائفة في البلد في هذا الظرف بالذات والدعاية له ضمن الإعلام الشيعي الموالي لإيران ، فسيظل يزيد من عدم طبيعتها وعدم صفاءها .وحتي أيضا دون الخوض في خلفية ميلاد هذه الطائفة ولا في أهدفها ولا نزعتها الطائفية ولا مزاجها ، فإن وجود طائفة شيعية إماميه في موريتانيا يعد أحد معوقات الاستقرار الكبرى في البلد .بل يضيف لجملة العقبات التي تهدد الانسجام المعاق أصلا بالمطالب الأثنية والعرقية والحقوقية والذي نعيش حاليا موجة من تنوعه وتشابكه في ضياع كامل لقيم الدولة الوطنية .فالشيعة الإمامية إضافة سلبية لهذا المزيج المتناغم من الدعوات المتعددة للتفرقة ،بما هي أشد تطرفا وتضحية وتحجرا إزاء المعتقدات واكثر خصوصية وانكفاء على الذات ،وبما لها من خصومة تاريخية ومواقف عدائية اتجاه أهل السنة .تعاليم الإمامية صارمة وإلزامية لدرجة صهر أتباعها داخل مشيئة الإمام التي تختلف حسب كل تقدير عن رهانات الموريتانيين ـ دون الإمعان في التفاصيل ـ وسيكون في نهاية المطاف غرس مجتمع جديد متناقض ومتميز عن مجتمعه الأصلي بما يعني خلق مشاكل ومطالب فئوية جديدة تثقل كاهل النظام العام من قبيل التمثيل الديني في المذهب العام للدولة أو التمثيل السياسي وغيرها من المطالب ، وبهذا يزداد حجم وتنوع الأقليات وحجم التناقضات . المجتمع الطارئ سيحمل معه طموحه الخاص الذي ينمو في خصوصيته العقائدية وفي قواسم مشتركة مع شعوب أخري وضمن أهداف أخري وهو بالتالي فتيل أزمة ، ليس الأمر مجرد سياحة في المواقف التي لاتكلف الموريتانيين عادة كثير عناء ، أو ليت الأمر بقى عند ذلك الحد ، بل هو وجود له طابع سياسي دينامي تدعمه دولة تعي أهدافها ودؤوبة في نشر وتقوية أتباعها في الوطن العربي . إنها حركة سياسية بمزاج دينيي وأهداف طائفية وستلتقي في مرحلة معينة بالتوترات القديمة في المجتمع مضيفة شحنة وقوة قصوى للانفجار الذي يتخمر باستمرار تحضيرا لسماكة ومساحة أوسع ، وعى ذلك الموريتانيون أم لم يعوه . المجتمع الأقل انسجاما والمليء بالمشاعر المختلفة والانتماءات الضيقة معرض للتفكك خاصة مع وجود نظام هش وبلا جذور وضعيف الشرعية .وهنا تظهر خطورة الوضع الخاصة بنا .إن سكوت النظام عن ذلك لايمكن فهمه خارج إرضاء إيران وتوطيد العلاقة بها. أو هو بشكل آخر ثمن تلك العلاقة الجديدة التي أخذت زخرفها من خلال العطية الإيرانية الأخيرة. لكنها تخفي تهاونا وتراخي، يلازمانها بالمصالح الحيوية للمجتمع. المجتمع الموريتاني بكل تناقضاته وتنوعه العرقي والمطلبي مجتمع سني أشعري مالكي وهذا أحد عناصر قوته التي منحه الله إياها مقابل المخاطر وهي سر منعته لقاء الانزلاقات التي يغذيها الفكر الحديث والمطالب المدنية وبالتالي ظل عصيا على التفكك ، فقكدط لأن ميدان هذه المطالب موجود في السياسة والقانون خارج العصمة والتعصب ، وتنتظر حلولها في التناوب على السلطة في دولة المؤسسات في دولة القانون لا تنتظر الحلول من فتوى شرعية وحيدة وغير قابلة للنقاش وقادمة من مرجعية خارجية ومختلفة .إنها أزمة من نوع آخر وليس من يسعي فيها صديق أو حليف للشعب الموريتاني أبدا .الصداقة التي تنظر موريتانيا من الحلفاء والأصدقاء والإخوة على حد سواء هي دعم فرص الاستقرار لديها ، وليس أي شيء آخر ، فالتنمية متاحة لجميع الشعوب وليست مرتبطة بالضرورة بالموارد الطبيعية كما في كثير من بلدان العالم ، فالشرط الأساسي للتنمية هو الاستقرار المديد وبناء قيم للدولة الجامعة ،لا دولة الطوائف .إن العمل المنقذ والذي يجب القيام به دفعة واحدة ودون تردد هو منع اصطناع مشاكل جديدة للمجتمع سواء الجهة التي كانت مصدرها ومهما كانت مزيتها على الدولة فلا توجد عطية تكافؤ الاستقرار.