كلمة سفير المملكة المغربية في موريتانيا حميد شبار بمناسبة افتتاح أسبوع المغرب في موريتانيا

خميس, 2025-04-24 18:27

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

معالي السيدة الوزيرة،

معالي السادة الوزراء

السادة ممثلي السلطات المحلية والمنتخبة،

زملائي أصحاب السعادة السفراء وممثلي المنظمات الدولية

السادة رجال الأعمال ورؤساء هيئات المقاولات بالبلدين،  

     الحضور الكريم كل باسمه وجميل  صفته

إنه لفخر عظيم أن نحضر اليوم حفل افتتاح الدورة الثانية لتظاهرة "أسبوع المغرب"، بموريتانيا، وهو موعد ارتأيناه أن يكون فرصة لإبراز ثراء المشترك الثقافي والإنساني والاجتماعي و الاحتفاء بعمق أواصر الأخوة التي تربط الشعبين الشقيقين المغربي والموريتاني تحت القيادة النيرة لقائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وأخيه، فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

هذا فضلا عن كون هذا الأسبوع حدثا اقتصاديا وفرصة لرجال الأعمال والمهتمين بالشأن الاقتصادي لتباحث فرص الشراكة والتعاون للنهوض باقتصاديات بلدينا.

منذ زمن القوافل إلى عصرنا هذا، شكلت التبادلات التجارية في منطقتنا ناقلة للتلاقحوالتمازج الثقافي والاجتماعي والإنساني، فكم من تاجر مغربي استقر به الأمر بأدرار وودانوتيشيت وولاتة وحديثا بنواكشوط، وكم من تاجر شنقيطي استقر به المقام بالسمارة وكليميمومراكش و فاس والصويرة، وحاليا بالدار البيضاء. هؤلاء وأولئك خلفوا أبناء وأحفادا يعتزون بانتمائهم للبلدين في آن واحد. كما كانت الرحلات التجارية والانتجاع وقوافل الحجاج بين البلدين فرصة لتبادل الكتب والتلاقي بين العلماء والفقهاء وهذا التلاقح شكل و يشكل رافدا هامافي البنيات الثقافية والاجتماعية في البلدين.

ارتأيت التذكير بهذه المعطيات التاريخية لأؤكد على أننا لا ننطلق من فراغ ولا نبني على غير أسس، وواجبنا اليوم، في ضل التحديات الاقتصادية والتحولات التي يشهدها العالم، أن نبقى أوفياء لهذا الماضي المشرق والمشرف، و نشيد على هذه الأسس المتينة شراكة اقتصادية شاملة بين بلدينا مبنية على مبدأي التضامن و رابح-رابح.

السيدات و السادة،  

​ لقد نجح المغرب في رفع تحدي خلق اقتصاد متنوع  مكنه من تطوير قدراته التنافسية علىمستوى الأسواق الدولية، حيث بلغ مجمل قيمة الصادرات المغربية، برسم سنة2024، 45 مليار دولار أمريكي، ومن المؤكد أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع خلال السنوات القادمة. يلاحظ أنه خلال السنوات الأخيرة، تعززت حصة المنتجاتالمصنعة في بنية الصادرات. ويعزى هذا التطور إلى ارتفاع صادرات المملكة من السيارات، حيث أصبح المغرب يحتل الصدارة أفريقيا في هذا القطاع من حيث الانتاج ومن حيث التصدير، بالإضافة إلى قطع الغيار والأجهزة المنزلية وقطاع الطيران والإلكترونيك والمنتجات الكيمائية، ناهيك عن القطاعات التقليديةكالنسيج والصناعات الجلدية والمنتجاتالفلاحية.

وتتوزع الأسواق بالنسبة للمنتجات المغربية ما بين دول الاتحاد الأوربي وبريطانيا وأفريقيا، والولايات المتحدة الأمريكية و كذلك أسواق واعدة كالهند و روسيا الاتحادية وتركيا والبرازيل. أمابالنسبة لأفريقيا، فقد بلغ مجمل الصادرات المغربية نحو هذه القارة ما يناهز 3.5 مليار دولار حسب إحصائيات 2023.

كما يعرف قطاع الخدمات والسياحة على وجه الخصوص، تطورا غير مسبوق، بحيث أصبحتالمملكة تتصدر قائمة الدول الأفريقية من حيث جلب السياح الأجانب، حيث تجاوز عدد السياح خلال السنة الماضية 17 مليون سائح. وسيفاجأ الحضور إذا قلت أن السياح الموريتانيين يتصدرون قائمة الزوار العرب والأفارقة الذينيختارون المغرب كوجهة للسياحة والدراسة والاستشفاء وزيارة الأقارب.

السيدات والسادة،

لا يخفى عليكم حجم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين بلدينا، فواقع الجغرافياوالتاريخ جعل من موريتانيا بوابة المغرب نحو أفريقيا جنوب الصحراء ومن المغرب بوابة موريتانيا نحو أوربا وحوض البحر الأبيض المتوسط بشكل عام.

ليس بغريب أن يأتي المغرب على رأس ترتيب الموردين للسوق الموريتانية على الصعيد الأفريقي، إذ بلغ مجمل المبادلات التجارية بين البلدين، 350 مليون دولار خلال سنة 2024، مسجلا بذلك نموا بمعدل حوالي 10 بالمئة،مقارنة مع سنة 2023 . وتشكل واردات موريتانيامن المملكة  حوالي 70 بالمئة من مجمل وارداتها من دول المغرب العربي. وتتشكل الصادراتالمغربية نحو موريتانيا من المنتجات الغذائية بنسبة 39 بالمئة والمواد المصنعة 38 بالمئةوالآلات بنسبة  18.9 بالمئة.

وتتوفر المنتجات المغربية على ميزات تنافسية في السوق الموريتانية، كالقرب الجغرافي الذي يخفض من تكلفة النقل ويقلص آجال تسليم البضائع بالإضافة إلى جودة المنتجات والسمعة الجيدة للمنتجات المغربية ناهيك عن المعرفة الجيدة لرجال الأعمال الموريتانيين بسلاسل التوريد من المغرب الذي تربطهم به علاقات قوية نسجها التاريخ كما أسلفنا الذكر.

السيدات والسادة الحضور،

إن حصيلة المبادلات التجارية بين البلدين الشقيقين والجارين، رغم أهميتها الحالية، لا ترقى إلى مستوى تطلعات قائدي البلدين والشعبين الشقيقين وكذا لمستوى الإمكانيات الاقتصادية الواعدة للبلدين.

وفي هذا الصدد، فإن الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين مدعوون إلى مضاعفة الجهود للرقي بالتعاون الاقتصادي كما على الفاعلين الأكاديميين وخبراء الاقتصاد والمجتمع المدني، أن يدلو بدلوهم في هذا المجال. ولهذا الغرض فقد خصصنا، في إطار هذه التظاهرة، ندوات وورشات عمل وتفكير سينشطها خبراء اقتصاديين وجامعيين و فاعلين مؤسساتيين و فعاليات مدنية، لاقتراح حلول وتصورات لشراكات قطاعية، في الفلاحة والطاقات المتجددةومجالات النقل الطرقي والبحري والموانئ دون إغفال القطاعات المرتبطة بالبنى التحتية.

كما أود الإشارة، بعد إذن معالي السيدة الوزيرة، إلى أن وجود السيد كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية في نواكشوط ليس حضورا بروتوكوليا فحسب، بل هو زيارة عمل  سيترأس خلالها مع معالي السيدة وزيرة التجارة والسياحة، جلسات عمل لمراجعة الإطار القانوني المنظم للتبادلات التجارية بين البلدين، خصوصا الاتفاق التجاري والجمركي الموقع بين البلدين في غشت 1986. ولا أريد استباق الأحداث ولكن لي اليقين أن هذه الزيارة تحمل مفاجئات سارة بالنسبة للمصدرين الموريتانيين نحو السوق المغربية، خصوصا في قطاع تصدير الخضر والفواكه والمنتجات البحرية، وذلك بغية تجاوز الاكراهات التي تميز ميزان المبادلات التجارية بين البلدين.

أكتفي بهذا القدر، وأجدد الترحيب بضيوف الأسبوع المغربي وأتمنى النجاح لفعالياته. والسلام عليكم و رحمة الله.  

اقرأ أيضا