قرأت في موقع موريتانيا الآن مقالا للأستاذ عبد الفتاح ولد اعبيدن يتناول فيه فقرات من برامج الموريتانية الرمضانية من بينها : مسلسل وجوه من خشب" في جزئه الثاني الذي تبثه قناة الموريتانية مشكورة ضمن مسطرتها الرمضانية لهذا العام.
الطرح الذي انطلق منه الأستاذ عبد الفتاح اعبيدن في نقده
لبعض فقرات المسلسل يجتاج للتصويب قليلا .
إن كلام السيد عبد الفتاج عن مشاهد القتل التي يقول إن المسلسل قدمها بطريقة تشجع على الجريمة أكثر مما تخوف منها ، ليست غرضا اعتباطيا ولا مجانيا يراد منه تمثيل القتل لإشاعته ولا لخلق حالة من الرعب في قلوب الناس ، ولا استعارة لمشاهد القتل التي دأب الإعلام اليوم على تكديسها في ذاكرة مشاهديه، كما أنها ليست استعارة لتلك المشاهد التي تتأسس عليها الدراما الهندية ولا الآمريكية .
إن المجتمع الموريتاني كغيره من مجتمعات العالم يعيش في زمن انكسرت فيه القيم و تم التلاعب فيه بعقول الناس عن طريق آلاف الرسائل الإعلامية الموجهة ،حتى إن البعض يقول إن العولمة والآلة اغتالت الإنسان في عالم ما بعد الحداثة .وليس مجتمعنا بدعا من هذه الحالة طبعا.
من أجل ذلك حصلت في مجتمعنا حالات قتل كثيرة وتمت تلك الحالات بالسكاكين والسيوف والمسدسات والمفكات . وما اظن ذاكرة الأخ عبد الفتاح بعيدة عن ما عشناه في السنوات الماضية قبل أن تؤسس الجهات الأمنية خطتها التي خففت من تواتر مشاهد الجريمة في حياة الناس .
ولا أدل على إلحاح مشاهد الجريمة والقتل التي قدم المسلسل بعضها ،من كون الإدارة العامة للأمن الوطني، تعاونت معنا مشكورة في مشاهد عديدة من المسلسل من ضمنها _ القبض والمطاردة والتطويق والتحقيق و التحفظ_. بوعي جسد لنا وللمشاهد الكريم مستوى التطور الأمني والحنكة الكبيرة التي بلغها رجال أمننا الوطني. على عكس ما كان البعض يتصورعن قوات أمننا التي بدت أكثر وعيا بالظاهرة وأهمية أن تتأسس في هذا الوطن دراما جادة، تقرب للناس واقعهم وتصلهم عبرها مختلف الرسائل المقصودة. وأكثر من ذلك لا يماري أحد في أن الجهات المسؤولة عن أمن المواطن استطاعت بحنكة وعزم فريدين تحقيق مستوى كبير من الأمن والعافية للمواطن عبر استراتيجيات كبيرة فاقت نتائجها ولله الحمد كل التوقعات.ربما لا يستسيغ المواطن العادي نهذه المشاهد في الدراما المحلية، لكنه يندمج معها وهو يشاهدها في الدراما الوافدة عبر آلاف المشاهد التي تقشعر لها النفوس. في
والدراما أيا كانت، لن تستطيع تجاوز البدايات إلا إذا صورت للناس واقعهم كما هو. والمشهد الذي أخافهم وأشفقوا منه ، ليس أكثر من واقع يعيشونه. كان هذا هدفا للدراما منذ أيام اليونان إلى اليوم . هدفها من ذلك أن تصل بالناس إلى التطهير. حيث الواقع الذي لايعدو فيه أحد على أحد. وبالتالي ليس من اللائق من كاتب مميز مثل عبد الفتاح اعبيدن أن يتسرع في فهم هذه الرسالة فهما عكسيا. أضف إلى ذلك أننا كمنتجين للمسلسل من جوانبه الفنية والنصية مواطنون موريتانيون حريصون على شعبنا ووطننا ولا نعطي لأي كان الحق في أن يزايد علينا في ذلك .
أما قناة الموريتانية فإن استعدادها وإيمانها بالدراما المحلية كأداة قوية في زراعة الوعي بالذات والوطن عبر شاشتها المميزة هو بالدرجة الأولى دليل على أن إدارة قناة الموريتانية تملك من الوعي والمعرفة ما فات غيرها ." وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".
أحمد محمود ولد العتيق