تشهد نواكشوط في هذه الآونة أزمة مياه غير مسبوقة. ورغم أن المشكلة ليست جديدة على المدينة (أقطن حي الزعتر منذ أكثر من عشر سنوات ولا أتذكر أن يكون هناك صيف إلا وكان هناك نقص حاد في المياه). ومنذ سنوات تكاد المياه تنعدم تقريباً…
إذًا، فالمشكلة جذرية وجوهرية، كما صرّح بذلك المسؤولون على جميع المستويات. وخلافًا لما هو متداول في أوساط الإعلام، ليس لدي أدنى شك في أن هناك كوادر تقنية على مستوى شركة المياه والوزارة أو الوزارات المعنية، لديهم القدرة والكفاءة اللازمتان لحل المشكلة وتجاوزها بشكل نهائي، وهو ما صرّح به أيضًا معالي الوزير الأول المختار اجاي هذا الصباح، مهنئًا رئيس الجمهورية على إيجاد حل نهائي.
لكن علينا جميعًا، كمسؤولين، أن نتساءل: لماذا وصلنا إلى هذا الحد رغم توفر المصادر؟ ولماذا لم يكن هناك مستوى التوقع المطلوب (prévision) الذي يتيح لنا الحد من الأزمة؟
حسب رأيي، هناك عائقان يجعلان متخذي القرار يترددون:
1. الحكامة: ضعف الحوكمة داخل المؤسسات وعدم تحمّل المسؤوليات وعدم إسنادها لذوي الاختصاص يجعل من الصعب إيجاد حلول مدروسة وغير ارتجالية.
2. الشفافية: نحن نعيش في عالم أصبحت فيه المعلومة متاحة للجميع، ومن السهل جدًا تقديم سرد مغاير للواقع. لذا علينا أن نقول الحقيقة ولو كانت مُرّة. يجب دائمًا تحديد الجمهور المستهدف وتكييف الرسالة التي نريد إيصالها والوسيلة التي نستخدمها. على المسؤولين أن يدركوا أن مسؤوليتهم الأولى هي خدمة المواطن، وأن تزويد المواطن بالمعلومة في الوقت المناسب هو أول واجب.
لقد كانت الأزمة خانقة، وللأسف لم نلاحظ بالقدر الكافي هبّة وطنية لمساندة الفئات الهشّة من سكان نواكشوط. ألم تكن هذه فرصة لرجال الأعمال والكوادر والمؤسسات الكبرى لإبراز التزامها بمسؤوليتها الاجتماعية؟
وعلى العموم، نشكر رئيس الجمهورية على إيجاد حل نهائي لهذه الأزمة، حتى وإن كان – كما يُقال – “لا شكر على واجب”. ونهنئ سكان نواكشوط على عودة المياه إلى
مجاريها… آملًا أن يكون ذلك مستدامًا.