الصحفيون من أمثالك يا صديقي، لا يعتزلون ولا يستقيلون، لأنهم هم الذين صنعوا لمهنة المتاعب طعمها ومتاعبها، وحافظوا لها على اسمها، رغم عاديات زمن "الأسماء المتغيرة".
الصحفيون من أمثالك، أيها العجوز المشاكس، لا يحالون إلى التقاعد ولا يحصلون على إجازات سنوية ولا مرضية ولا يغادرون، لأنهم عندما يفعلون، يحزم الوطن أمتعته ويقتفي آثارهم، وتغادر وراءهم كل الأشياء البسيطة والجميلة والنبيلة والنادرة،
الصحفيون من أمثالك أيها الرجل الحالم لا يرحلون، لأنهم عندما يفعلون، ترحل معهم ابتسامات الأطفال وزقزقة العصافير ووشوشة العشاق، وتموت كل قصائد الغزل ويموت الحلم وتتشح صاحبة الجلالة بالسواد، ويصبح الوطن مجرد غابة موحشة.
الصحفيون من أمثالك يا ماموني، لا ينصرفون هكذا ولا يستسلمون هكذا، لأنهم هم الذين يهدون للوطن كل صباح ألوانه الزاهية، و لأنهم هم وحدهم الذين ما زالوا يحفظون حكايات"ديلول" في وطن سرقه الحمقى والمجانين والأغبياء والسماسرة، ولأنهم هم وحدهم الذين ما زالوا يحسنون فن رفع الرؤوس والصراخ في وجه طواغيت زمن الصمت والطأطأة والقصص البالية.
البشير ولد عبد الرزاق