منحطون نحن في أسفل السافلين، وفي الدرك الأدنى من الجهالة قاطنون كالأجداث ساكنون، وفي صحاري التفاهة المعتمة تائهون، لا لمعروف عارفون ولا لمنكر ناكرون.
مصابون بأمراض نفسانية فتاكة يستحيل على الأطباء معالجتها على المدى القريب إن لم يبادرونا بجلسات سيكولوجية مكثفة، ويشخصون أمراضنا عندما نضحك هستيريا دون سبب، نتراقص ونتواجد مع الراقصين على وقع أصوات أشد إزعاجا من طواحن المصانع وهدير السيارات المتعطلة، ونتفاعل ونصفق مع كل تفاهات التافهين، ونرمي في مزابل السوافي كل ما قدمه ويقدمه ما تبقى من المبدعين المتطفلين على هوامشنا المهترئة.
مصابون بأمراض نفسية ولا ندري أننا مصابون وذاك ما يزيد أزمتنا المركبة ويعقد مرضنا المشخص بكل سهولة، مصابون بمسٍ جنوني لأننا نسمي كل قماماتنا الفكرية ب"مهرجانات ثقافية" ولأننا من يطالع بتفاهة وينظم باهتمام ندوات عن سرديات "آلمودات" وما أكثرها في عصرنا المنحوس بهجران التبرك ب"القبر المجهول" والسياحة في أزقّة "مدينة الرياح" العتيقة .
نحن من يستلهم ويتسلى ثقافيا ب"إبداعات غيث" العلوية والسفلية.
نحن من يطرب ويتراقص على وقع كلمات ركيكة معنى ومبنى من قبيل:
"كلبي لعيون .. فدمي وأهلي وناسي ....
وني بالعيون .. ؤبهلو مغلاك ياشي".
أطفالنا يغنون: "ملاكي يويلي عطشانه .. عطشانه"
"أهيه بنضيات"
لا عليكم يا "أهل لخله" فقدموا ما شئتم وسنصفق ونقهقه لتفاهاتكم، بل سوف نبعث لكم حكامنا وولاتنا ووزراء "ثقافتنا" يعانقونكم بحرارة يتورّكون مقاعدكم، ويصطفون معكم المنكب بالمنكب والساق بالساق..
لا عليكم يا نجوم المهرجانات فنحن الذين صنعناكم بأيدينا، نحن الذين لم نسمع عن مهرجان براعم المديح في قرية الشيخ محمد الحسن ولد أحمدو الخديم، نحن ـ معاشر التافهين ـ لم نسامر أحمدو ولد عبد القادر على كثبان قرية بولنوار1 "قرية الشعر" كما سماها ذات سمر مقمر الشاعر الراحل الشيخ ولد بلعمش.
أما أنتم أيها القابضون على ما تبقى من جمر الثقافة فلا مقام لكم هنا في بلادنا، نحن الذين عرّفنا الثقافة على طريقتنا، لنا ثقافتنا ولكم ثقافتكم فواصلوا كما شئتم "تأليفكم" وواصلوا في ثقافتكم المزعومة .لن ندخلها أبدا مادمتم فيها، بيننا وبينكم الجمهور فاكتبوا ما شئتم شعرا ونثرا لن تقرأ كتبكم ولن تحضر محاضراتكم ولن تجدوا عدسة واحدة تواكب أنشطتكم.
وأنتم أيها الشعراء والكتاب محمد ولد الطالب ومحمد فاضل ولد عبد اللطيف وأحمد فال ولد الدين فاقرضوا الشعر وفكوا رموزه لأنفسكم وابحثوا أيها الروائيون عن شخوص روايات أخرى لا أحد سيبحث عن حل عٌقد رواياتكم.
وأنت يا أبا محمد ولد أحمدو الخديم واصل مهرجاناتك للسيرة النبوية في التسيير وتنبيعلي وطيبه وانواكشوط فلن ينازعك أحد ولن تصلك مؤسسة إعلامية ولن نرسل لك وزيرا من وزرائنا.. ليس ما تقوم به من تربية وتكوين النشء من اولوياتنا...
وأنت أيها الفنان الكاريكاتير بونا ولد الدف واصل في رسوماتك وتمتع بها في غرفة نومك المعتمة..
وأنتم أيها السلطات نرفع إليكم طلبا عاجلا نطالب بإقالة وزير الثقافة الحسين ولد مدو وتعيين أحد نجومنا الفنية مكانه حينها وحينها فقط سنكون منسجمين جميعا قمة وقاعدة.