بعد سنة من اعتزالي العمل الصحفي، لم يعد يتصل بي من جميع مكونات الطيف السياسي، إلا عدد أصابع اليد الواحدة، بالتناصف بين الموالاة والمعارضة، بعد ما كنت قبل الاعتزال، أخزن هواتف الآلاف من الطرفين، يتصلون بي يوميا، حيث كنت أحتاج لاستقبال مكالماتهم إلي 3 هواتف علي الأقل وقد ناشدني منهم الآلاف في المعارضة والموالاة، بالعدول عن قرار الاعتزال عندما أعلنته.
وهذا التوحد في المواقف مني، بين المعارضة والمولاة، رغم اختلافهما علي كل شيء، ظل قائما قبل اعتزالي، حيث كنت علي الدوام أشكل مصدر ازعاج للطرفين وقد تعرضت للأذى الجسدي والمعنوي والمادي من كل منهما علي حدة خلال السنوات الماضية، بسبب كتاباتي، التي يغضب الاغلبية منها ما ينتقدها ويرضي المعارضة، التي تغضبها انتقاداتي لها وترضي الاغلبية ورغم ذلك يحرصان علي حضوري لنشاطاتهما، إذ يجمعان علي أنني من بين الصحفيين القلائل، الذين ينقلون الأحداث بامانة.
وهنا أقول للسياسيين، موالاة ومعارضة، إنني أعذرهم جميعا في مقاطعتي، لأنني أنا السبب في ذلك بقراري لقطع صلة الوصل بيني معهم وهي الصحافة وأقول لهم إنني ما قصدت يوما الإساءة لأحد منهم ولا سعيت له فيها ولاحملت له حقدا ولا ضغينة ولا أحملها له اليوم ومن أذاني منهم بغير قصد فإنني أسامحه ومن كان عن قصد فموعدنا الدار الآخرة.
وفي هذا المجال، أعتذر، وكان مالك يتعذر عن نفسه، لمن يرون في المعارضة والموالاة، أن كتاباتي الصحفية أساءت لأحد منهم، و أأكد للجميع أنني لم اقصد ذلك، ولم أقصد أبدا غير نشر الحقيقة الموصوفة بالمرارة، انطلاقا مما يمليه علي ضميري المهني وإيماني بأن الصحافة هي نقل الحقيقة كما هي وهذا الإيمان هو الذي في سبيله تحملت تبعاته علي مدي 38 سنة والتي كانت آخرها فصلي التعسفي من العمل مع منعي من جميع حقوقي ومنعي من أية إعانات عندما أطلقت موقع "ديلول" ورفض تنفيذ أحكام القضاء النهائية حضوريا لصالحي بعد تأكيدها علي أن قرار فصلي باطل جملة وتفصيلا.
أما علاقاتي بالصحافة بعد سنة من اعتزال مهنتهم وغسل يدي سبعا الأخيرة منها بالتراب، من أدرانها التي التصقت بي علي مدي 38 سنة، فلم يعد يذكرني منهم بخير إلا النزر القليل جدا من الذين مازالوا يعضون بالنواجذ علي مهنة، طلقت أصحاب الضمائر ثلاثا وركنت الي أصحاب البطون في عقد غير شرعي واستحوذت عليهم، وهؤلاء لا أريد أن يذكروني.
وخلاصة القول، إنني اليوم بعد 38 سمة من العمل الصحفي وبعد سنة من اعتزاله، أجلس في داري بين افراد أسرتي، أداعب حفيدتاي، آيه وشيماء مرتاح الضمير لأنني استطعت، رغم معايشة تسع رؤساء لموريتانيا، أن أحافظ علي قول الحقيقة، مهما كانت مرارتها، بوصلتي في ذلك، مصلحة موريتانيا التي هي بالنسبة لي أكبر منا جميعا، وأن الصحافة: قناعة وصدقا وإرضاء للضمير لاشيء غير ذلك وهذا ما جعلني أتحمل بصبر وبدون ندم علي ذلك، ثمن مواقفى.
ماموني ولد مختار