الحرب على الفساد.. وحماية الدولة من الانتهازيين/ عبد الله ولد زاگه

اثنين, 2025-11-10 08:06

“فستكون حربنا ضد الفساد حربًا مصيرية لا هوادة فيها؛ فلا تنمية ولا عدل ولا إنصاف مع الفساد، ومن ثم فلا تسامح معه مطلقًا ؛والحرب على الفساد والرشوة وسوء التسيير هي حرب الجميع: حرب المنظومات الإدارية والقضائية، حرب أجهزة الرقابة والتفتيش، حرب النخبة من مثقفين وقادة رأي وصحافة ومؤثرين اجتماعيين، ولا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع.”
فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني – فاتح أغسطس 2024
لم يستوعب المفسدون بعدُ جدّية هذا التوجه ولا صدقية هذا التعهد؛ فتركوا لأنفسهم الأمّارة بالسوء العنان لتعبث بمقدّرات الأمة، وكأنّ الدولة غنيمة سائبة أو خريبة منزوعة الأبواب  والنوافذ.
لقد أكّد فخامة الرئيس أن الحرب على الفساد لا رجعة فيها مهما كلف الثمن، وجسّدت حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد أجاي هذا التوجه بوضوح، إذ شدّد معاليه في كل مناسبة— أمام البرلمان وفي خرجاته الإعلامية — على أنه لا هوادة ولا مهادنة  في هذه المعركة.
كانت مقاومة هذه الحرب أمرًا متوقعًا لدى فخامة الرئيس، وقد أشار إلى ذلك في خطاب تنصيبه لمأمورية ثانية، مؤكّدًا أن أي مقاومة لن تثنيه عن محاسبة المفسدين، من دون تصفية حسابات أو استهداف شخصي.
وجاءت قرارات الحكومة الأخيرة، المبنية على تقرير محكمة الحسابات، لتؤكد هذا النهج الصارم؛ فقد دفنت تلك القرارات الشجاعة كل محاولات الالتفاف والتشكيك، وأخرست ألسنة المبررين الذين حاولوا التقليل من حجم الفساد عبر الإعلام وعبر منصّات التواصل الاجتماعي؛ لكن الحقيقة باتت جلية: لا نجاة من المحاسبة مهما كانت المواربة أو التمترس داخل الأنفاق وخارجها.
حماية الدولة من  الانتهازين .. 
إنّ أبشع صور الشر أن يُفسد الإنسان في الأرض؛ وأن يسعى لقتل القيم النبيلة كالصدق والأمانة، وأن يعبث بالحقوق العامة والخاصة، ويقوّض مصالح الدولة والمجتمع ؛ ولأن الفساد لا يقتصر على المال والإدارة، بل يتسلّل إلى النسيج الاجتماعي ذاته، فقد جاءت المعركة الثانية ضد الانتهازيين القبليين والفئويين الذين جعلوا الولاء للقبيلة والجهة قبل  الولاء للدولة.
وفي  خطوة حاسمة ـ من مقاطعة اظهر الجميلة ـ  حرّم فخامة الرئيس على موظفي الدولة حضور الاجتماعات القبلية والفئوية، في قرار وطني شجاع يعيد الاعتبار لهيبة الدولة؛  ويؤسس لمواطنة خالصة لا يعلو فيها صوت العصبية على صوت دولة المواطنة .
ومثلما طبقت توصيات تقرير محكمة الحسابات  ، سيطبق  هذا القرار بكل حزم وقوة، دون تهاون أو تساهل مع من يخالفه، لما يمثّله من تحدٍّ مباشر لتوجيهات القيادة الوطنية ولمسار الإصلاح الشامل.
ولا شك أن الانتهازيين سيحاولون — كعادتهم — الالتفاف على القرار وتأويله بما يخدم مصالحهم، كما فعلوا من قبل مع تقرير محكمة الحسابات لكنّ الوعي الجمعي هذه المرة أكبر؛  والدولة أكثر تصميمًا وصلابة.
أعينوا الرئيس؛  فإنه يخوض حربًا ضروسًا على جبهات متعددة ؛ حربًا على الفساد المالي والإداري ؛ وحربًا على الفساد الاجتماعي، وكلاهما لا يقلّ خطرًا ولا فسادًا عن الآخر.

اقرأ أيضا