لا يزرع الأمل في حديقتنا…،ليست لنا حديقة في الأصل..،إننا مستنبتون في هذه الصحراء ونشبه رمالها المتحركة، وقد يدرك بعضنا فلسفة تلك الرمال في التحرك الدائب:إنها تتحرك لتظل موجودة!.
ذلك الوجود بالضبط يصنع هنا وفق براغماتية يجيدها المتعلم وغير المتعلم، ويتساوى في انتهازيتها وابتذال وسائلها الجميع إننا نبحث عن النغيير؟!…،إن ما يسمى “قوتنا الحية” تصرخ بالتغيير وهي تذرع في مسيراتها النمطية المسافة بين مسجدين أحدهما جنوبي غربي والآخر شمالي شرقي!..،ثم لا يشذ بعضها عن تلك النمطية الرتيبة إلا ليقف في سلاسل بشرية هزيلة ومعدودة واستعراضية جدا في وسط العاصمة، ويهتف بالسلمية!!…، ليثبت ما يريد أن ينفيه: النظام العسكري الحاكم في ثوب ديمقراطي هو ديمقراطي فعلا!..،لأنه يحمي بقوات قمعه أو أمنه المظاهرات في وسط البلد لمعارضيه!…، وعندما يحل الظلام نهجع جميعا إلى نفس النظام المجتمعي الذي يكرس الطبقية والفئوية والقبلية وكل مظاهر ظلم الإنسان لأخيه..، ، ونظل نحلم في سباتنا و كموننا بانقلاب عسكري آخر!!…، لا شيئ أضمن عندنا للتغيير من انقلاب عسكري,,,،حتى ولو تظاهر بعضنا وكرر :يسقط حكم العسكر!!..؟
إن أي أمل حقيقي لا بد أن ينطلق من السؤال الإشكالي: هل نحن ونحن شاملة لكل الموريتانيين على نفس الأرضية فيما يتعلق برغبتنا في إحداث تغيير شعبي يخلصنا من مأزق التنادي نحو العسكر ليخلصونا من بعضهم؟؟
لا…لا..،تلك هي الإجابة بلا تردد: من يستطلع آراء فئات متعددة في هذا الوطن ومختلفة بحيث تشكل عينة إحصائية نموذجية سيقول لا…، البيظان سيفاجئونك بأنهم لا يريدون ثورة شعبية لأنها قد تمكن للحراطين أو الزنوج في رقابهم وأموالهم ودورهم وبناتهم وووو…،الحراطين أو الزنوج لا يريدون تأجيل رفع شعارات مطالباتهم الحقوقية، ولا يريدون الكف عن المناداة بجذرية حلولية ساذجة ومستفزة لشعور عميق لدى البيظان بأنهم مهددون بتلك الصرخات الحقوقية!!..،…، وقيادات الجيش خصوصا التي تعلم أنها كانت يوما ما شريكة في اقتراف مظالم تجاه بعض الفئات..،تراقب كل ذلك وتعمل بشتى الوسائل على تعميق هاجس الشعور بتهديد الوجود عند البيظان..،تفضل غالبية البيظان إذا أن تتشظى تحت واقع استبداد سياسي واستئثار اقتصادي من قبل ثلة عسكر…،تفضل المعاناة في جحيم ذلك الوضع…،تفضل حلولا ترقيعية من قبيل تغذية الظروف لانقلاب عسكري جديد…،تفضل الشيطان نفسه لأنها فاقدة للإحساس بالأمن على وجودها إذا ما دعمت وشاركت في انتفاضة شعبية كبرى ضد النظام.
من أين سيأتي التغيير إذا؟؟….، من أين سيأتي الأمل الحقيقي…،؟؟!…، لا بد من تغيير المسار النضالي كليا…، نحو محاولة الاتفاق على هدف مرحلي واحد مطمئن لوجود الجميع!…، لا بد من قليل من خداع النفس الجماعية وتثبيت نرجسيتها…،وتلك قصة أخرى ربما سأكتب عنها بإذن الله في يوم ما…،ربما !!…، من يدري قد أعود لتربية الأمل على الطريقة الدرويشية..، خصوصا حين أتأكد أن الوطن أصبح سجنا كبيرا .