بدأت مشاورات تعديل الدستور المثيرة للجدل في الجزائر من أجل وضع دستور يريده الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة توافقيا، وكان الحدث الأكبر هو مشاركة قادة من حزب جبهة الإنقاذ الإسلامي المنحل.
وشاركت ما يقارب من عشر شخصيات وطنية في أول ثلاثة أيام من المشاورات التي يديرها مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى، وقدمت اقتراحاتها بخصوص 47 تعديلا من المرتقب أن تطرأ على الدستور الجديد.
ويقول رئيس حزب جبهة المستقبل، عبدالعزيز بلعيد، والذي التقى في ثاني أيام المشاورات مع أويحي، إنه سأل أويحي صراحة إن كانت هذه المشاورات تهدف بالفعل إلى الأخذ بآراء جميع التيارات أم أنها تهدف إلى إعطاء الشرعية للتعديل الدستوري المرتقب، مضيفا أنه قدم عدة مقترحات، من أبرزها استقلالية القضاء.
وفي انتظار أن تشمل المشاورات 30 شخصية و52 حزبا، لاتزال أحزاب المعارضة الممثلة في قطب قوى التغيير وتنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، مصرّة على رفض المشاركة فيها، معتبرة أن الأمر لن يؤدي كما وعد بوتفليقة إلى وضع دستور توافقي.
وقال القيادي في حركة النهضة الإسلامية، فاتح ربيعي، إن حزبه قدم مقترحات في جميع مشاورات الأحزاب والحكومة حول التعديلات الدستورية والقانونية، ولكن الحكومة لم تأخذ بها، معتبرا أنه كان لابد من فتح حوار حقيقي بين جميع الفاعلين في المشهد السياسي، وليس جعلها كاستشارات ستنتهي بالأخير إلى تغليب منطق السلطة دون الأخذ باقتراحات الأحزاب.
وفي غياب المعارضة لجأت السلطة لأول مرة إلى بعض قادة حزب جبهة الإنقاذ المنحل، مشركة إياهم في مشاورات التعديل الدستوري.
وأثارت الخطوة الجدل بعد تفسير البعض إياها بإمكانية إعادة نشاط الحزب المنحل من الباب العريض بعد حله منذ أكثر من اثنتين وعشرين سنة، ولكن شهاب صديق، الرجل الثاني في حزب التجمع الديمقراطي، رفض الفكرة، مستبعدا عودة الحزب الإسلامي إلى النشاط، أو على الأقل ليس تحت ذات المسمى، في حين لم يستبعد أن تتم إعادة هيكلة قيادات الحزب في تنظيمات حزبية جديدة.
ولكن ما يزيد من فرضية مصالحة بين النظام وقادة الحزب الذي يتهم العديد من قادته بالمساهمة في الأحداث الدامية في التسعينيات هو قرار الحكومة المعلن منذ يومين من قبل الوزير الأول، عبدالملك سلال، القاضي برفع حظر السفر عن قادة الحزب.
وللإشارة، فان الدستور الجزائري عدل سابقاً مرتين، الأولى في 2002 بهدف إدراج الأمازيغية لغة وطنية، والثانية في 2008 لإلغاء تحديد الولايات الرئاسية باثنتين. ويقترح بوتفليقة في مسودة التعديل الثالث المرتقب إعادة تحديد الولايات الرئاسية بفترتين فقط، إضافة إلى إعطاء صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة.