أبرزت الصحف العربية الصادرة صباح السبت 29 أغسطس/آب أزمة اللاجئين السوريين و المهاجرين غير الشرعيين باعتبارها "مأساة"، محملة أوروبا جزء من المسؤولية.
يأتي هذا بعد انقلاب قاربين يحملان مهاجرين قبالة السواحل الليبية، و تخوف من غرق نحو 200 منهم، و تزامن ذلك مع العثور على 71 جثة يُعتقد أنها لمهاجرين سوريين في شاحنة مهجورة في طريق سريع داخل الحدود النمساوية وقرب الحدود مع المجر.
"بين قوارب الموت وشاحنته"
اهتمت كثير من الصحف بالخبر و أبرزته في صفحاتها الأولى، حيث جاء أحد العناوين الرئيسية في جريدة النهار اللبنانية كالآتي: "أوروبا عاجزة والبحر المتوسط يواصل ابتلاع المهاجرين" بينما وصفته جريدة السفير اللبنانية بـ "مضخة اليأس."
كما أشارت جريدة الوطن السعودية إلى الرحلة الخطرة التي يجتازها المهاجرون لعبور البحر المتوسط بقولها: "الهجرة من النار تنتهي بالغرق."
أما جريدة الرياض السعودية فقد وصفت وضع اللاجئين في افتتاحيتها بأنه "بين قوارب الموت وشاحنته."
تقول الجريدة: "اللاجئون الذين فروا بأهاليهم وأولادهم بحثاً عن الحياة، وخوفاً من أن تطالهم البراميل المتفجرة أو’ وحشية داعش‘ ودمويتها وجنونها، كانوا في واقع الأمر في مهمة يائسة، فلم يكن أمامهم خيارات كثيرة للنجاة والحياة، ولم يكن أمامهم سوى طريق المغامرة وركوب الخطر فإما النجاة أو الهلاك، فسوريا الوطن بلا أفق للاستقرار وتتجه نحو المجهول، ولا أشد خوفاً من باب لا تعرف ماذا يخبِّئ خلفه"
و تضيف:"أوروبا اليوم تواجه مأزقاً صنعته بنفسها أو شاركت فيه من خلال تراخيها وتباطؤها في إنهاء الأزمة السورية ووضع حدٍ لمأساة السوريين. وأمام ذلك يجدر بأوروبا وأميركا تحمل تبعات سياساتهم في المنطقة واحتواء أزمة اللاجئين بمسؤولية وعدم التنصل من هذا الاستحقاق الإنساني."
وفي نفس السياق، يصف عريب الرنتاوي في جريدة الدستور الأردنية البحر المتوسط بأنه أصبح "مقبرة جماعية لألوف الجثث والأشلاء، لسوريين وعرب وأفارقة، قرروا امتطاء صهوة الموت بعيداً عن ساحات الحروب."
و يضيف: "أوروبا اليوم، تدفع ثمن تلكؤها في التعامل مع الأزمة السورية وأزمات المنطقة، تدفع ثمن انقيادها للولايات المتحدة، التي تبعد أكثر من عشرة آلاف كيلومتر من سوريا... أوروبا تدفع اليوم، تدفع ثمن اعتقادها الخاطئ، بأنها تستطيع أن تظل بمنأى عن موجات الهجرة، إن هي وفرت تمويلاً محدوداً لعمليات استيعاب اللاجئين في الدول المحيطة بسوريا، خصوصاً الفقيرة منها والمحتاجة للمساعدات."
و على المنوال نفسه، تشبه الكاتبة موناليزا فريحة "مأساة السوريين" في النمسا بأنها "أقسى من خيال الكاتب غسان كنفاني في رواية ’رجال في الشمس‘ التي تحكي قصة لاجئين فلسطينيين حاولوا التوجه الى الكويت.
تثني فريحة على الإجراءات التي اقترحها وزير خارجية النمسا من أجل تعامل أكثر إنسانية مع اللاجئين فتقول: "وزير خارجية النمسا سيباستيان كورتس اقترح أخيراً خطة تدعو لنظام حصص بين جميع الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وإنشاء ملاذات آمنة لأولئك الذين يطلبون اللجوء في أوروبا، ومنح اللاجئين المؤهلين مروراً آمنًا للبلدان التي يقصدونها، وشن حملة على مهربي البشر."
و تضيف: "هذه التدابير تمثل نمطاً ملحاً تحتاج اليه أوروبا للتعامل بانسانية مع أكبر موجة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك في انتظار جهد دولي حقيقي لوقف الحرب السورية وتشجيع السوريين على البقاء في ارضهم لئلا تتحول رواية "رجال تحت الشمس" قصة الشعوب العربية ، واحداً تلو الآخر."
"خطيئة عربية كبرى"
استغلت بعض الصحف أخبار اللاجئين السوريين لمناقشة الأزمة السورية المستمرة أكثر من أربعة أعوام حتى الآن.
يقول الكاتب محمد أبوالحسن في جريدة الأهرام المصرية الرسمية إن "ما جرى فى سوريا جرح غائر فى قلب الأمة و’ خطيئة عربية كبري‘ يتحمل وزرها الجميع، بلا استثناء، داخل سوريا وخارجها" و يقترح أن تكون مصر و السعودية مركز الحل فيقول: " السوريون يعلقون أملاً كبيراً على رشادة وزعامة أولى الأمر فى مصر والسعودية، ويحنون لاستعادة المحور الذهبى المصري-السعودى-السورى، حتى ينجو العرب جميعا من ’تسونامى الإرهاب الموجه‘، قبل فوات الأوان."
بينما يناقش الكاتب سميح صعب في جريدة النهار اللبنانية دور روسيا كـ"ممر إلزامي" لحل الأزمة السورية.
يقول الكاتب " ضحت روسيا بوابة لإعادة ترتيب الأولويات في المنطقة والتخلي عن الكثير من الاقتناعات التي برزت في السنوات الأربع الأخيرة والتي لم تسفر سوى عن بروز المشروع الجهادي. ولهذا تشكل روسيا اليوم تقاطعاً لكل الدول الراغبة في مواجهة هذا الخطر. ومن هنا التسليم الأمريكي وتالياً الخليجي بالدور الروسي المتعاظم لإيجاد حل للأزمة السورية."
أما جريدة الوطن السعودية، فتشير في افتتاحيتها إلى قرارات مجلس الأمن بخصوص سوريا باعتبارها غير مؤثرة إن لم تكن رادعة.
تقول الجريدة " ليس كافياً أن يقول الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون إن ’التقارير المستمرة عن استخدام الأسلحة الكيميائية والمواد السامة الكيميائية سلاحا في الصراع السوري تثير الانزعاج البالغ‘… فالمطلوب هو اتخاذ إجراءات قابلة للتطبيق."