كوالالمبور 22-8 - - ذرفت دموع ملايين من الماليزيين اليوم وهم يراقبون مراسم استقبال جثامين ضحايا الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية (إم إتش 17) التي أسقطت في شرق أوكرانيا، حيث أعلنت الحكومة اليوم حدادا وطنيا تضامنا مع عائلات ضحايا الطائرة المنكوبة.
وأجريت مراسم استقبال الجثث في مطار كوالالمبور الدولي بمنطقة (سيبانغ)، حضرها ملك ماليزيا عبدالحليممعظم شاه، ورئيس الوزراء نجيب عبدالزراق، ونائبه محيي الدين ياسين، وعدد من الوزراء، والدبلوماسيين، وعائلات وأصدقاء الضحايا.
كما شارك العديد من المواطنين الماليزيين بمختلف دياناتهم وأعراقهم وتوجهاتهم السياسية في مراسم دفن 20 جثمانا وصل البلاد اليوم من هولندا، 11 منهم مسلمين، و4 منهم بوذيين، و4 مسيحيين، وشخص واحد من الديانة السيخية.
في هذا اليوم لم يكن مشهد إنزال النعوش من على الطائرات ونقلها على سيارات الجنائز في مراسم عسكرية سهلا على الماليزيين فكيف بأقرباء وعائلات الضحايا الذين أجهشوا بالبكاء والصراخ والعويل من هول الحادثة التي أهدرت دماء أكثر من مائتي مدني مسالم.
لقد وصلت جثامين 20 ضحية ماليزية بسبب هذه الحادثة الشنيعة، ووصل معها قدر لايحصى من الأسى والحزن وفيض العزاء الذي كُب على الماليزيين المرتدين للسواد في يوم أسود وهم يقومون بحثو التراب على قبور موتاهم.
أحمد ترمذي إسماعيل، زوج المضيفة هامفازلين شام محمد عارفين (37 عاما)، والتي لقيت حتفها في الطائرة- لم يستطع رفع رأسه لمواجهة كاميرات التلفاز والمصورين،فالحزن اعتصره وأثقل كاهله،ليخرج مع أنفاسهذكريات السنين.
ذاك وجع خاص، لأنه كما قال "لم تكن حبيبته ونصفه الآخر فحسب، بل كانت أم رائعة لطفليه وإنسانة بمعنى الكلمة".. قالها وهو ينظر إلى ابنه أليف هيكل ذا الثامن ربيعا، وأليف حازم الذي أنهى سنين الرضاعة قبل أشهر - بعينين مشفقتين ملؤها العطف والحنان.
وستظل أجمل ذكرى في خلد هذا الأب هي صورة زوجته وهي ترتدي حجابها تستعد للذهاب إلى علمها كمضيفة في شركة الخطوط الجوية الماليزية والتي عملت فيها مدة 17 عاما، لتكون تلك الصورة آخر ما تشكل في ذهنه قبل أن تصعد طائرتها إلى السماء وتصعد معها روحها.
قصة الحزن والأسى الذي أصاب عائلة المضيفة هامفازلين لاتختلف كثيرا عن قصص عائلات الضحايا الآخرين، فهناك قلوب لم تزل معتصرة في نحيب الأمهات على ضياع فلذات أكبادهن، وهناك أنين لم يزل في أنفاس الزوجات لفقدان أزواجهن، وهناك آهات وبكاء مستمر في أصوات اليتامى بعد رحيل آبائهم.
في هذا اليوم خفتت الأضواء في عاصمة الأنوار، وحل السواد على اللباس والأرض والعمار، حتى الصحف اليومية أخرجت صفحاتها بلون أسود حزين، وكذلك القنوات التلفزيونية والإذاعات أحجمت اليوم عن بث كل ماهو غث واكتفت بالسمين.
لقد مضى أكثر من شهر على حادثة إسقاط الطائرة الماليزية (إم إتش 17) في شرق أوكرانيا ولم يزل الألم والحزن يعتصر قلوب العديد من عائلات الضحايا البالغ عددهم 298 شخصا، من بينهم 43 ماليزيا 15 منهم من طاقم الطائرة.
وإن كان 20 من الضحايا الماليزيين قد استعيدت جثامينهم اليوم، وقرت أعين ذويهم بالنظر إليهم قبل دفنهم، إلا أنصمت الانتظار هو مايصف آهات ودموع العديد من العائلات التي لم تزل تنتظر وصول الجثامين المتبقية البالغ عددها 23 جثمانا، حيث لم يزل 10 منهم قيد اختبارات الفريق الطبي بالعاصمة الهولندية أمستردام، في حين لم يتم العثور على 13 آخرين وسط حطام الطائرة.
المصدر: الشروق ميديا