حب في زمن الحمى ..! (تدونة)

أربعاء, 2015-10-28 23:58

قصص الحب لا تحدث عادة في أزمنة الأوبئة، وحده غابرييل غارسيا ماركيز كتب ذات مرة رواية "الحب في زمن الكوليرا"، لكن تلك الرواية لم تستهويه أبدا، هو الذي قرأ الكثير من أعمال ماركيز.
كانت لديه عداوة مزمنة مع الحب، كره كل الروايات والكتب التي تتحدث عنه، كان يكفي أي يكون هناك أي شيء له علاقة بالحب لكي يغير المحطة.
كان يقول لأصدقائه دائما إن الرجل عندما يحب يتنازل عن نصف حريته للمرأة، ثم يمنحها النصف المتبقي هدية لزواجهما ويصبح عاريا، وكان يردف وهو يرسم على شفتيه ابتسامة عابرة، أكره أن أجد نفسي عاريا أمام امرأة.
واليوم ها هو بعد أن شارف على الخمسين، يدفن جسده النحيل في سرير داخل مستشفى كان سيصفها بالقذرة، لولا صبية كانت تملأ المكان بهجة.
لم يستطع أن يرفع نظره عنها وهي تنزع الحقنة من ذراعه، 
"الحقنة معك شيء آخر"
"شكرا سيدي" قالتها وقد طأطأت رأسها من شدة الحياء.
كان مستعدا في تلك اللحظة أن يتنازل عن حريته بكاملها دفعة واحدة، وتمنى لو سألها هل قرأت رواية "الحب في زمن الكوليرا" لماركيز، لكنه وجد الأمر سخيفا.
وهو ينزل الدرج قال للشاب الذي كان يرافقه:
"نسيت أن أودع الممرضة"
"لا...لقد ودعتها يا عمي"
"صحيح...تصور أني نسيت".
داخل السيارة كانت إحدى المحطات تبث أغنية للسيدة فيروز، هم الشاب بتغيير المحطة لكنه طلب منه أن يتركها، دفن نفسه وأوجاعه في المقاعد الخلفية للسيارة، فكر مليا في أي شيء قد يكون نسيه يتذرع به للعودة إلى المستشفى. 
ثم رسم على شفتيه تلك الابتسامة العابرة، عندما اكتشف أن كل ما نسيه هناك كان قطعة من قلبه وابتسامة جميلة تشبه صاحبتها.

البشير عبد الرزاق

اقرأ أيضا