تعيش إذاعة موريتانيا منذ سنتين تراجعا خطيرا في مجال تغطية التراب الوطني، حيث تقلصت تغطية بثها لأكثر من 49 بالمئة من التراب الوطني، بما فيها المناطق الحدودية،حسب تقرير صادر عن ال "بي بي سي" تم تداوله على مستوى الإذاعات الدولية التي تربطها بإذاعة موريتانيا علاقات الشراكة في مجالي الإنتاج والبث. من المفترض أن تلعب الإذاعة الوطنية دورا بارزا في توعية المواطنين وإخبارهم عن الأحداث الجارية في البلاد عبر خدمة إخبارية دائمة و برامج تنموية وبرامج حوارية ، خصوصا بعد استثمار الدولة الموريتانية في فتح محطات جهوية في عواصم الولايات كلفت دافع الضرائب مئات الملايين من الأوقية.
تعاني الإدارة الفنية لإذاعة موريتانيا من نقص حاد في الإمكانيات والمصادر البشرية، إثر إسنادها لموظفين جدد تم اكتتابهم بصفة زبونية، مع التغاضي عن تجربتهم الطويلة في مجالات التجارة المختلفة وجهلهم الكلي لعالم البث وتقنياته، حيث أسندت مسؤولية مرافقتهم لموظفين هم الأقل خبرة ومهنية من بين نظرائهم، ليتم تهميش الفنيين المقتدرين بتجاربهم التي تجاوزت في متوسطها عشر سنوات. الاجهزة الفنية التي تعتمد عليها الإذاعة الوطنية في مجال البث متهالكة إذ لم يجدد معظمها منذ العام 2003، حيث لازالت المزانيات المخصصة لتجديدها تصرف من طرف الإدارة العامة، تارة بصغة "إكراميات" وتارة بصغة "تغطية خاصة". ف"السرفير" المركزي وهو أهم جهاز للحفظ والبث مهدد بالتعطل في أية لحظة كما أن رخصة البرامج الأساس للتشغيل "داليت" منتهية وصيانته منعدمة.
كما تعيش إذاعة موريتانيا تسيبا وعجزا في الأداء بسبب إهمال الإدارة العامة للموظفين المهنيين وعدم مكافأتهم على ما يقدمون من خدمات وتفضيل آخرين على أساس اعتبارات قبلية وجهوية ، مما تسبب في هجرة جلهم للقطاع وعزوفهم عن العمل. في الوقت الراهن
تعتمد إذاعة موريتانيا على ثلة من المتعاونين والمتدربين والذين دخلوا في شهرهم الخامس بدون رواتب. حيث تسند النشرات الرسمية ببعدها السيادي للدولة لبعض المتعاونين المتذمرين، الذين يتوقع من حين لآخر استغلالهم لساعات بث النشرات الرسمية والبرامج الإخبارية لأغراض نقابية
. لقد أدى سوء التسيير وصرف الميزانيات لأغراض زبونية بحتة إلى غياب الريبورتاجات اليومية وانعدام التحقيقات والملفات و استجلاب الضيوف لإثراء النشرات والتي بدورها لم تعد مثار اهتمام لدى المتلقي لاعتمادها على متعاونين عديمي الخبرة والمصداقية .
وتقف الإذاعة في الوقت الحالي عاجزة عن مسايرة الخدمة العمومية وإعطاء كل الآراء والغوص في ما يهم المواطن، حيث تكتفي بتغطية الورشات الحكومية في قالب جامد. أما المراسلات القادمة من الداخل فتقتصر على تغطية نشاطات السلطات المحلية دون الاخذ في الاعتبار برأي الساكنة وآراء وأمال الناس. رغم شراء مجموعة سيارات جديدة تنضاف لما كان قبلها فان قطاعي الأخبار والريبورتاج لا يتوفران سوى على واحدة لاتفي لمواكبة خدمتي الأخبار و الربورتاج الذي يعاني هو الآخر من الوضعية الرثة والمتهالكة لأجهزة المونتاج وأجهزة التسجيل المنقرضة.
ويشهد قطاع البرامج في إذاعة موريتانيا انتكاسة غير مسبوقة بفعل تكريسه لجانب واحد هو الندوات التي أخذت كل وقته، بعد الإستحواذ وبطريقة غير شفافة على الميزانيات الضخمة المخصصة له، مما تسبب في اختفاء البرامج المتخصصة في مجالات الإقتصاد والثقافة والرياضة، وغيرها . أما المحطات الجهوية فقد تم إهمالها بعد انطلاقتها حيث تراجعت عن كل برامجها الشبابية واكتفت ببرنامجين مطولين في المساء وغابت عنها الحوارات الشبابية الجادة والمتخصصة ليهجرها المستعمون من الشباب إلى الإذاعات الخاصة والأجنبية. كما تعيش المحطات الجهوية لإذاعة موريتانيا ظروفا صعبة، بسبب ضعف إمكانياتها رغم الميزانيات المخصصة من طرف القطاع لكل محطة جهوية على حدة، حيث تقتصر على بث مكرر لأغاني رديئة على مدى ساعتين لليوم. ولا يوجد سوى موظف واحد في كل محطة حيث غادر بقية العمال تحت وطأة إخلال الادارة بالتزاماتها المالية.