تقول السنغال إنها تنوي منع المسلمات من ارتداء النقاب لدواع أمنية، إذ تقول السلطات السنغالية إن الالبسة الفضفاضة تسهل اخفاء المتفجرات التي ينفذها الجهاديون.
وطلب وزير الداخلية عبداللاي داوودا عدم النظر إلى هذا الإجراء على أنه معاد للإسلام، فالسنغال دولة ذات أغلبية مسلمة، كما قال.
وفي حال إقرار الموضوع ستصبح السنغال الدولة الإفريقية الخامسة التي تفرض قيودا على ارتداء النقاب.
وكان الرئيس السنغالي ماكي سول وهم مسلم، قد دعا إلى حملة شجاعة لمكافحة المتطرفين الإسلاميين.
ولكن السنغال ليست البلد الوحيد الذي اتخذ هذا المنحى. لنلق نظرة على الدول الأخرى التي قالت "كلا" للنقاب، إذ سبقتها كل من تشاد والغابون والكونغو برازافيل.
يذكر أن البلاد الخمسة هي مستعمرات فرنسية سابقة، علما بأن بدء فرنسا بحظر النقاب عام 2011 قد أثار ضجة واحتجاجات.
وقد تعرضت تشاد والكاميرون إلى هجمات انتحارية ربطت بحركة "بوكو حرام" النيجيرية، التي يرتدي منفذو عملياتها أحيانا النقاب لتسهيل دخولهم إلى الأماكن المزدحمة.
ظلال بوكو حرام
وكانت الحكومة التشادية قد قررت حظر ارتداء النقاب عقب الهجوم الانتحاري الذي أودى بحياة 33 شخصا في العاصمة انجامينا في حزيران / يونيو الماضي.
وبعد ذلك بوقت قصير، حذت كل من الكونغو برازافيل والغابون حذو تشاد، وذلك بعد وقوع هجوم انتحاري في الكاميرون فجرت امرأتان ترتديان النقاب نفسيهما في بلدة فوتوكول القريبة من الحدود مع نيجيريا. وقتل في ذلك الهجوم 13 شخصا.
والآن تدرس السنغال تطبيق اجراء مماثل، رغم انها لم تتعرض لأي هجمات، لكن السلطات ألقت القبض على إمامين بشبهة وجود صلات لهما مع جماعات متشددة، وهي الحالة الأولى المعلن عنها في البلاد.
وقال الوزير داوودا إن الإجراء الأخير منطلق من مصالح الأمن القومي للبلاد.
وكان الرئيس السنغالي قد صرح الاسبوع الماضي بأن ارتداء النقاب غريب على ثقافة الشعب السنغالي وروح الإسلام المتسامح المنتشر في غرب إفريقيا.
ولكن مسألة النقاب وحظر ارتدائه ليست حكرا على القارة الافريقية.
فرنسا المتحظرة
سببت فرنسا لغطا كبيرا عام 2010 عندما اصبحت اول دولة اوروبية يحظر فيها على النسوة تغطية وجوههن في الاماكن العامة.
وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد صوات بالاجماع تقريبا لصالح قانون يجعل ارتداء النقاب والبرقع، وكذلك الاقنعة والخوذ التي تخفي هوية الشخص، عملا غير قانوني يخضع للملاحقة.
يذكر ان في فرنسا نحو 5 ملايين مسلم - اكبر جالية مسلمة في اوروبا الغربية - ويعتقد ان ألفي مسلمة من هؤلاء ترتدين النقاب.
وكان الرئيس الفرنسي آنئذ نيكولا ساركوزي قد قال إن النقاب "ليس مرحبا به" في الاراضي الفرنسية، معتبرا اياه "لا يتماشى" مع نموذج الاندماج الفرنسي المرتبط بالعلمانية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية والتي يضمنها قانون صدر عام 1984 حظر بموجبه ارتداء أي رمز او لباس يشير الى انتماء ديني مهما كان.
كما تضمن القانون الفرنسي المناوئ للحجاب عقوبات للذين يجبرون النسوة على ارتداء هذا الزي قد تصل الى السجن لعام واحد وغرامة قد تصل الى 32 الف دولار.
وهوجم القانون باعتباره يستهدف المسلمات دون غيرهن، واحيلت القضية الى محكمة حقوق الانسان الاوروبية عام 2014، الا ان قضاة المحكمة أيدوا ما جاء به القانون وقرروا أنه لا يعد انتهاكا لحقوق الانسان.
بلجيكا وهولندا وغيرها
وحذت بلجيكا حذو فرنسا في عام 2012، إذ حظرت أي لباس يمنع التعرف على هوية الشخص "لدواع أمنية."
أما هولندا، التي كانت قد منعت النقاب في مدارسها في عام 2007، فقد قررت لاحقا تمديد العمل بهذا الحظر ليشمل الاماكن العامة مثل وسائل النقل والجامعات وبعض المهن المحددة.
فعلى سبيل المثال، لا يسمح للعاملين في المحاكم ارتداء النقاب لأنه "يقوض حيادية الدولة"، فيما يطلب من النسوة اللواتي يعملن في مهن تطلب التواصل المباشر تجنب ارتداؤه.
وبينما لا تحظر أي دول اوروبية أخرى ارتداء النقاب على النطاق الوطني، تلتزم بالحظر مناطق محددة في دول أخرى.
فمدينة برشلونه الاسبانية حظرت ارتداء أي لباس يغطي الوجه عام 2010، كما فعلت المحاكم الدنماركية وولاية هيسيه الالمانية وعدد من المدن الايطالية.
الاتجاه المعاكس
ولكن ثمة دول اتجهت في الاتجاه المعاكس بالغاء قيود كانت سارية لعقود عديدة.
فتركيا رفعت الحظر المفروض على ارتداء الحجاب عام 2013 وسط مخاوف عبر عنها حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم بأن الحظر يمنع النسوة المسلمات "الملتزمات" من التقدم في التعليم والحياة العامة.
وعبرت المؤسسة العلمانية التركية عن قلقها من أن يكون السماح بارتداء الحجاب الخطوة الأولى نحو هيمنة الاسلام على دولة القانون العلمانية التي اسسها اتاتورك.
ولكن شكاوى العلمانيين لم تؤخذ بجدية، وتم تخفيف القيود بحيث سمح للنسوة بارتداء الحجاب، ولو ان النقاب ما زال محظورا.
وسوريا ايضا سمحت - منذ عام 2011 - للمدرسات بارتداء النقاب الذي يغطي الوجه، إذ الغت قرارا كان قد أصدره وزير التعليم العالي بحظر هذا الزي وسط قلق من تصاعد موجة التطرف في اوساط الطالبات المسلمات.
وكذلك تونس، التي رفعت الحظر على ارتداء النقاب عام 2011 ايضا.
وكانت النسوة التونسيات تعرضن لضغوط من جانب الدولة لاجبارهن على التخلي عن الحجاب، الذي كانت الحكومة تنظر اليه باعتباره "لباسا طائفيا."