تنقسم المجموعات الزنجية في موريتانيا إلى ثلاث قوميات متمايزة، من أشهرها قبائل البولار، التي تنقسم هي الأخرى إلى "الفلان" الذين يمارسون الرعي وهم رحل ويدعي البعض منهم الانتماء إلى أصول عربية، و"التكارير" وهم مزارعون. أما القبائل السونونكية فيستقر البعض منها في الجنوب الموريتاني الشرقي، وهي بقايا من امبراطورية "غانا"، وينتمون إلى قبائل "الماندي" الممتدة من موريتانيا إلى بوركينافاسو، ويتحدثون بلغة مشتركة مع فوارق طفيفة تفرضها المنطقة. اما المجموعة الثالثة فهي قبائل الولوف وقد قدرت المصادر الرسمية الفرنسية عند استقلال الدولة سنة 1960 نسبة الزنوج بنسبة تتراوح بين 12 و20 بالمائة في حين قدرها الإحصاء الرسمي في البلد عام 1976 بـ16 في المائة، وقدرتها إحصاءات الأمم المتحدة بما بين 14 و16 في المائة ، وقد ظل التعايش قائما بين البظان والزنوج إلا أن عنصر البولار ظل يعمل بأجندة أحادية تجنح حسب البعض إلى الإنفصال :
1957- دعت جماعات من البولار إلى الوحدة بين ضفتي نهر السنيغال فيما يعرف بوحدة فوتا. و أسس انجاور صار وبا مامادو صامبولى وصال ما مادو كليدور التكتل الديمقراطي في غورغول بعد الإنشقاق عن حزب الإتحادي التقدمي
وحين أسس أحمدو ولد حرمه حزب الوفاق 1957 رفض البولار الإلتحاق به و أسس "نجاور صار " في مدينة داكار سنة 1957 م اتحاد " المنحدرين من ضفة النهر".
وفي سنة 1963 انسحب الطلاب الزنوج من الاتحاد الوطني لطلاب الجمهورية الإسلامية الموريتانية الذي تأسس 1960 وأسسوا رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين
وفي سنة 1964 اجتمع المثقفون البولار من السنغال و المتبذ القصي في مدينة امبان بالمنتبذ ليقدروا اختيار حروف كتابة البولارية وقد اختاروا لها الحروف اللاتينية بدل الحروف العربية .
وفى 4 يناير 1965 بدأ جميع التلاميذ الزنوج فى نواكشوط و روصو إضرابا ضد إلزام تعليم اللغة العربية فى التعليم الثانوي وفى يوم 6 يناير، وزع منشور مطول تحت عنوان "بيان التسعة عشر" أعلن فيه 19 موظفا ساميا كلهم من منطقة النهر أنهم "يساندون إضراب التلاميذ الزنوج من أجل سد الطريق أمام التعريب القسري ومن أجل فرض تعديل قوانين 30 يناير 1965 لأن الازدواجية ليست سوى خدعة لإقصاء المواطنين السود حسب قولهم من كل شؤون الدولة " وفى اليوم نفسه امتد إضراب التلاميذ السود إلى كيهيدى، وحدثت صدامات عرقية كادت تعصف بالوحدة الوطنية وقد حمل صا رابراهيما حكومة داداه مسؤولية الأحداث بفرضها التعريب دون مشاورة على التلاميذ الزنوج الذين لم تكن العربية لغتهم الأم"!
،سنة 1976 تم انشاء جمعية إحياء البولارية وتم اعتمادها من طرف الدولة
1980 جرت أحداث فى العاصمة وساد فى صفوف الزنوج الكثير من التعصب والقلق والتمرد وعبر بعضهم عن الشعور بالظلم والإضطهاد ، رغم كل السخط والحديث عن التهميش ظل السود يتبوؤون المناصب العسكرية السامية
رئاسة قيادة الأركان: شغلها يال عبد الله، قيادة الحرس: شغلها جا أمدو، وزارة الداخلية: تولاها يال عبد الله، وأن مامادو بابالي، جا أمدو، مديرية الأمن: آتيا همات شغلها إلى أيام انقلاب 1984، وشغلها أيضا قبله جوب مصطفى، إدارة مدرسة الشرطة: تولاها جوب جبريل.
بدأ الزنوج بدعاية خارجية تشير إلى معاناتهم ونشطوا فى أوربا وفى الولايات المتحدة وكند والسينغال وبوركينا فاسو فى عهد توماس سانكارا وبدأوا فى دخول الجيش بحماس وكم ملحوظين ، بدأ الغليان يتصاعد وبدأ التجاذب السياسي والعرقي يحتدم وتأزم الوضع فى الشوارع والمدارس ووسائل النقل وقامت مجموعة من الزنوج بتهشيم سيارة ولد دحود وقتله قرب فندق مرحبا فى قلب العاصمة ووزع بيان " الزنجي المضهد " وتمت الكتابة على الجدران
أثناء زياة الرئيس البوركينابي السابق توماس سانكارا لموريتانيا احتفى به ولد الطايع وذهب به إلى أطار وأثناء حفل غداء فى أطار قال معاوية لضيفه : أنا ولدت هنا فى هذه المدينة قال سانكارا : هنا إذن ولدت العنصرية ، غضب معاوية وقطع سانكارا زيارته .
بدأت إرهاصات ظهور "جبهة تحرير أفارقة موريتانيا " FLAM " الذى توج بصدور بيان ” الزنجى الأفريقى المقموع ” والذى تم توزيعه فى مؤتمر هاراري فى سبتمبر1986 أثناء اجتماع منظمة الوحدة الإفريقية بحضور المرحوم أحمد ولد منيه وفى أكتوبر 1986 تم اعتقال العشرات من الزنوج بتهمة تعرضهم للوحدة الوطنية بعد توزيع "بيان الزنجي الأفريقي المقموع " الذي يندد بالتمييز بين البيض والسود ويعلن ضرورة تدمير "دولة البيضان"، وتوالت المنشورات داخل موريتانيا وفي الخارج ، ونددت وزارة الداخلية "بالاتصالات الخارجية" التي تجريها " افلام " وما تشكله من مساس بالوحدة الوطنية". وفي نفس الشهر أعلنت السلطات عن سلسلة من عمليات منها التخطيط لوضع عبوات ناسفة في نواكشوط ونواذيب و تسميم مياه إديني . وفي 22 أكتوبر 1987: أعلنت السلطات عن احباط مؤامرة تورط فيها عسكريون من الزنوج الأفارقة، وتم اعتقال المتهمين الـ51، و نفذ حكم الإعدام في السادس من ديسمبر 1987، في قاعدة اجريده في ثلاثة ضباط هم: با صيدي، صار آمادو وسي صيدو، وحكم على 18 آخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة. حين وقعت المحاولة فوجئ معاوية أن با صيدي أحد القادة الأساسيين كان صديقه الحميم على الصعيد الإجتماعي فزوجتاهما صديقتان حميمتان وكلاهما يعتبر أبا لأبناء الآخر لشدة صداقتهما فأمر معاوية أن يكون أول من يعدم فكان أحد الثلاثة الذين أعدموا غِبَّ المحاولة
حين عاد با عبد القدوس من كندا يحمل شهادة عالية فى هندسة الهايدروليك وقدم ملفا لدخول الجيش وضع معاوية علامة x على ملفه وقال دعوه يعبر وراقبوه ، فكان فى طليعة المتهمين فى انقلاب 1987 وهرب إلى الجزائر أصر ولد الطائع على جلبه فسلمته الجزائر وارسل إلى سجن ولاته مع تنيوسف كي، وجيكو تفسيرو، وبا الحسن عمر ، و الملازم " بوي هارونا ألاسان " الذى ألف كتابا بعنوان "كنت في ولاتة" J'étais à Oualata " الذي أعاد فيه رسم أهم مراحل تلك الفترة، تماما كما وصف و ووثق الضابط محمدو سي مشاهد مروعة من التعذيب والتصفيات الجسدية لأولئك الضباط والجنود من داخل سجن "إنال" بالشمال من المنتبذ القصي ، وذلك في كتابه "جحيم إنال" Enfer d’Inal "
ابريل 1989، وصلت الأحداث ذروها حين اندلعت مواجهات بين الموريتانيين والسنغاليين في البلدين أسفرت عن مقتل المئات وسلب الممتلكات وتسببت بنزوح وإبعاد عشرات الآلاف.و قطعت العلاقات الدبلوماسية بين نواكشوط ودكار حتى عام 1992.
ـ ديسمبر 1990، أدانت منظمة العفو الدولية اعتقال نحو ثلاثة آلاف شخص في أوساط الزنوج الأفارقة في حين نددت نواكشوط بمحاولة انقلاب.
رحل ولد الطايع وعاد المبعدون ، وصلى عزير في كيهدي على جنازة ملف الزنوج، لكن افلام يعتبرون كل ضباط البظان جلادين، وعزير من ضمن الجلادين بنظرهم لأنه شارك وهو ملازم مع ولد الطايع في انقلاب 12-12- 84 وظل معه طيلة فترته حضر المحاكمات مبعوثا من ولد الطايع وخدم معه حارسا ومرافقا وقائدا لحرسه الخاص
أهل المنتبذ القصي دفعوا ثمن الإرث الإنساني و اليوم ينتظرهم إرث آخر هو الإرث الطائعي وهلم جرا ....
كامل الود
نقلا عن صفحة إكس ولد إكس اكرك