أحداث مؤلمة و جرائم فظيعة تعرضت لها قومية البولار في موريتانيا ، في مابات يعرف سياسيا بسنوات الجمر و حقوقيا بالإرث الإنساني لسنوات 90_91 ، حبركثير سال و ربما بغزارة الدماء التي أريقت نصرة و تعاطفا مع إخوة الدين و الوطن و من تركوا خلفهم من أرامل و أيتام ، إحقاقا للحق و إنصافا لأصحاب الدم المتفرق بين الحكام و الساسة ودوائر هندسة سياسة الدول و إدارة أزماتها.
لكن الحقيقة الغائبة عن البعض و المغيبة عمدا عن الآخرة ، هي أن قضية الإرث الإنساني في موريتانيا قد طويت بأيادي أصحاب الدم الأصليين و الشرعيين و ورثتهم الطبعيين ، و بشهادة و مباركة حاضناتهم الدولية و الإقليمية و منظماتهم الوطنية الحقوقية و السياسية.
و قد كان لي الشرف مبكرا و قبل أصوات بدأت تطفوا للسطح مؤخرا و تصحوا ، أن كلفت من طرف رئاسة الجمهورية حينها في العام 2007 رفقة الفقيد الكبير محمد سعيد همدي و الأستاذ و الحقوقي البارز الشيخ سعد بوه كمرا و السياسي المخضرم أحمد سيدي باب و الإداري بوزارة الداخلية كان و رئيس منظمة كوفير و آخرون ، تحت إشراف الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية حينها يحى وقف ، بإعداد ملف جامع و محكم و تصور واضح و منصف لحل قضية ضحايا المرحلة المؤلمة و المظلمة و الظالمة من تاريخ بلدنا.
و قد توجت تلك الجهود بالأيام التشاورية حول ملف الإرث الإنساني و كان لي ايضا شرف إدارة ورشة الإرث الإنساني الخاصة بضحايا المؤسسة العسكرية ، بمساعدة وزير العدل الأسبق حينها بال آمادوا تيجان ، الأيام و الورشات التي حضرتها كافة أطراف الطيف السياسي و الإجتماعي و منظمات الضحايا في الداخل و الخارج و المنظمات الدولية المهتمة بالملف مثل HCR . لتختم تلك المصالحة الوطنية بموافقة أصحاب الدم و من يمثلهم و من يناصرهم و من يتهمونه ومن يخالفهم ، على توصيات و إجراءات لجبر الضرر و تعويض ذوي الضحايا و لم شملهم و إعادة الإعتبار لهم و تمكينهم من الوثائق الثبوتية و الصفح المتبادل و الصلاة على أرواح الشهداء الأبرياء ، الذين عصفت بهم نوازع الساسة و غلوا الأيديولوجيا من الطرفين.
وكانت وكالة دمج و إعادة المبعدين أهم عصارة لتلك المصالحة الوطنية وماتبع ذلك من إجراءات مصاحبة و التي أجمعت الأطراف الثلاثة الدولة الموريتانية و أصحاب الدم المتفرق و HCR بعد ذلك بسنوات على إكتمال تنفيذ بنود المصالحة فيه وغلق الملف نهائيا.
هنا أتسائل لمصلحت من يثار هذ الملف اليوم و بقوة و كأن شيئ لم يكن ؟! ، ثم إذا كانت الحلول غير مرضية و غير مكتملة ، فلماذا قبل أصحاب الدم العزاء و جبر الضرر و التعويض و العودة و الدمج و التوقيع و طي الملف بشهادة الشهود !؟
لعل من بيننا من يريد لحاجة في نفسه أن تبقى ملفات صادمة و محزنة و جراح غائرة مفتوحة للإمتطاء ، بعد أن أخذ الثمن و المثمون ، فقط شهادة للتاريخ .
نقلا عن صفحة الكاتب: السعد ولد لوليد القيادي بحركة إيرا