عندما تم تأسيس حركة افلام في 14 مارس 1983 لم تكن هناك ضرورة كبيرة لتأسيس الحركة . لا تهميش يمكنهم الحديث عنه. لا اضطهاد .
يتواجدون في كل مفاصل الدولة الموريتانية . منصب وحيد فقط لم يصله أي زنجي موريتاني هو منصب رئيس الجمهورية .إذن لماذا قررت نخبة زنوج موريتانيا تأسيس حركة عرقية غير واقعية و لماذا خلقوا أسطورة " الزنجي المضطهد " التي تحولت فجأة إلى حقيقة خلال السنوات التالية ?
من الجلي جداً أن نخبة زنوج موريتانيا كانت مسكونة بنزعة عنصرية موروثة من بيان التسعة عشر في سنة 1966 و الذي كان في قمة العنصرية و الاقصائية للمكون العربي في البلد .
هذه النزعة العنصرية يغذيها شعور بالخوف من صعود التيار القومي العربي الذي دخل هو الآخر في صراع حاد مع السلطة . هذا الخوف هو الذي قاد نخبة زنوج موريتانيا إلى التكتل و استعراض عضلاتها المفتولة أمام نظام عسكري انقلابي و هنا بدأت المأساة !! في سنة 1986 تم اعتقال 33 مثقفا زنجيا بعضهم لا علاقة له بحركة افلام و الحكم عليهم بالسجن . خرجت التظاهرات المنددة و تم حرق الممتلكات العامة و الخاصة و قتل مواطن بسيط على يد حفنة من العنصريين الزنوج. ثم بدأ العسكرييون الزنوج في سنة 1987 التخطيط لقلب النظام و كانوا قوة هامة في الجيش الموريتاني لكن خيانة بعض رفاقهم كشفتهم بسرعة أمام النظام الذي نجح في اعتقال 51 عسكريا دون أن يتمكنوا من إطلاق رصاصة واحدة و تقديمهم لمحاكمة عسكرية و كانت الأحكام ( إعدام 3 . سجن 41 . تبرئة 7 ) و بدأ النظام يضع كل الزنوج في خانة المعادين له و بدأ التيار العروبي دعايته المبالغ فيها ضدهم و التي وصلت لدرجة المطالبة بطرد جميع الزنوج خارج البلاد .
القوميون العرب الذين كانوا رأس الحربة في الدعاية المضادة للزنوج كانوا يخططون في نفس الوقت لقلب نظام العقيد معاوية و الذي تمكن من كشف مخططهم في سنة 1988 . تم طرد 400 بعثي من الجيش و ترحيل قادتهم إلى سجن ولاته جنبا إلى جنب مع السجناء الزنوج .
هذه العنصرية و العنصرية المضادة هي التي أشعلت نار الحرب الأهلية في سنة 1989 بين الموريتانيين و السنغاليين و كانت فرصة ذهبية للنظام من أجل طرد ما يمكن طرده من الزنوج خارج البلاد . و بلغ عدد المهجرين ما يقارب المئة ألف . ( أتجاهل هنا عمدا ما قام به الموريتانيون ضد السنغاليين و العكس ) لكن ما حدث لاحقا في سنوات 90 - 91 فاق كل التصورات . تم اعتقال المئات من الضباط و الجنود الزنوج و إعدامهم بدون محاكمة و دفنهم في مقابر جماعية . حقيقة ما حدث لم تكشف حتى الآن . المؤسسة العسكرية ترفض التحقيق في القضية .
الإخوة الزنوج الذين عايشوا أحداث 90 - 91 هم حتى الآن اثنان لا ثالث لهما . جاسوس لنظام ولد الطايع يرفض الكلام أو " شاهد ما شاف شي حاجه " وجد نفسه تحت التعذيب دون أن يدري ما السبب .
و رغم كل ما قيل و لا زال يقال عن مخططات نخبة الزنوج العنصرية في تلك الفترة إلا أن ما تعرضوا له لا يمكن لأي عاقل أن يقبله فكيف بتبريره و إذا كنا فعلاً نطمح لبناء وطن للجميع يجب أن نقوم بمصالحة شاملة . كشف الحقيقة. محاكمة المتهمين. التعويض لذوي الضحايا .
العفو الذي صدر في سنة 1993 غير قانوني . المصالحة التي تمت في عهد الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله ليست كافية .
نقلا عن صفحة المدون حميد ولد محمد