قال علماء إن لقاحا جديدا - أثبت فاعلية في مقاومة فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرس" - يمثل خطوة نحو القضاء المرض، وفقا لتقرير نشر في دورية "العلوم".
وأجرى علماء أوروبيون تعديلا وراثيا لنوع من لقاح الجدري بحيث يُبرز بروتين في كورونا على سطح الفيروس.
وأثبت اللقاح فاعلية في حماية الجمال - التي تمثل مصدرا لهذا الفيروس - من الإصابة بأعراض كورونا.
ويأمل الخبراء أن يتمكن هذا اللقاح من وقف انتشار الفيروس بين الجمال، وأيضا حماية البشر المعرضين لاحتمال الإصابة.
ورُصد انتقال كورونا، الذي ينتمي لفصيلة الفيروسات التاجية، إلى البشر لأول مرة في السعودية في عام 2012.
ومنذ ذلك الحين، أُعلن عن اكتشاف أكثر من 1600 حالة، وتسبب أكثر من ثلث حالات الإصابة المعلنة في الوفاة.
ويعتبر الأفراد الذين يعانون من أمراض أخرى - مثل السكري وأمراض الرئة طويلة الأمد والفشل الكلوي - عرضة بشكل خاص للإصابة بأعراض تهدد حياتهم حال إصابتهم بفيروس كورونا.
وينحصر انتقال الفيروس في فئة الأفراد الذين لديهم اتصال مباشر مع المصابين مثل أفراد العائلة وموظفي الرعاية الصحية.
حل مشكلة معقدة
ويعتقد أن الجمال العربية، التي تربى من أجل الاستفادة من حليبها ولحومها وأيضا لاستخدامها في السباقات، هي المصدر الأولي لانتقال فيروس كورونا إلى البشر.
وينتشر الفيروس بشكل خاص في صغار الجمال، حيث تؤدي العدوى إلى ظهور أعراض خفيفة تشبه نزلات البرد الشائعة. ويعتقد أن الفيروس ينتقل إلى البشر حينما يكون لهم اتصال مع سوائل الجسم الخاصة بجمال مصابة.
ويمثل تفشي العدوى بين الجمال خطرا جديا على صحة الإنسان. والعديد من العلماء قلقون من إمكانية تحور الفيروس بحيث يصبح أكثر قدرة على الانتشار بين البشر.
ولهذا السبب يحاول العلماء تطوير لقاحات لمنع انتقال العدوى للبشر، وكذلك الحد من تفشي الفيروس في الجمال.
وتساعد اللقاحات النظام المناعي في التعرف على الفيروس والقضاء عليه قبل أن يصيب البشر، أو قبل أن يحدث أي ضرر.
الاعتماد على الأصدقاء القدامى
هناك نوعان من الأسلحة تستخدم في الوقاية من الفيروس، وهما الأجسام المضادة والخلايا القاتلة.
الأجسام المضادة هي بروتينات موجودة في دم الإنسان وسوائل الجسم مثل اللعاب والمخاط. وهذه تعلق بالفيروس وتوقف العدوى.
وكما يشير اسمها، فإن الخلايا القاتلة تتعقب الخلايا المصابة بالفيروس وتقتل الخلية قبل أن ينتشر الفيروس الجديد في الجسم.
وتنتج بعض اللقاحات الأجسام المضادة، وهناك أخرى تنتج الخلايا القاتلة.
ويعتقد الطبيب بارت هاغمانز، من مركز إراسموس الطبي في هولندا، أن أفضل طريقة للسيطرة على كورونا هي تطوير لقاح ينتج الاثنين على حد سواء.
ولذا أجرى هو وفريق من العلماء من هولندا وإسبانيا وألمانيا تعديلا وراثيا لنوع من فيروس الجدري يسمى (إم في ايه) لإبراز بروتين "سبايك" (بروتين الشوكة الخارجية) الموجود في فيروس كورونا على سطحه.
واستخدم (إم في ايه) للقضاء على مرض الجدري، ويُستخدم حاليا لتطوير لقاحات لمجموعة متعددة من الفيروسات مثل الأنفلونزا والتهاب الكبد الوبائي وإيبولا، والأهم من ذلك أن هذا الفيروس يمكنه أن ينتج الأجسام المضادة والخلايا القاتلة.
ويُعتقد أن بروتين سبايك في فيروس كورونا يمثل هدفا رئيسيا للاستجابة المناعية، ويأمل الباحثون في أن يساعد تغطية فيروس الجدري (إم في ايه) ببروتين الشوكة الخارجية الجهاز المناعي في التعرف على كورونا وقتله.
خطوة أولى
وأخذ فريق العلماء فيروس الجدري المعدل (إم في ايه) ورشّوه على أنف الجمال وحقنوها في عضلاتها، وكرروا هذا التطعيم مرة أخرى بعد أربعة أسابيع.
وعندما حقن العلماء الحيوانات المحصنة بفيروس كورونا، لم تظهر على الجمال سوى أعراض خفيفة جدا. والأهم من ذلك هو أنه لم يحدث سيلان في أنف الجمال، وكانت كمية الفيروس في هذه الجمال منخفضة للغاية.
أما الجمال التي لم يجر تطعيمها باللقاح فقد أنتجت كميات كبيرة جدا من الفيروس، وعانت من سيلان شديد في الأنف.
ولذلك، فإنه على الرغم من أن اللقاح لم يمنع الإصابة بشكل كامل، فإنه قلل بالفعل من كمية الفيروس لدى الجمال التي حقنت باللقاح.
وتعليقا على هذا البحث، قال الطبيب ماثيو فريمان، الأستاذ المشارك في جامعة ماريلاند في بالتيمور، لبي بي سي إن "هذه هي الخطوة الأولى نحو تطوير لقاح فعال ضد فيروس كورونا في الجمال، والذي يمكنه أن يقلل من مصدر فيروس كورونا في الشرق الأوسط، ويضعف احتمالية انتقال الفيروس إلى البشر".