حكم القضاء والقدر على مدينة وادان التاريخية (وطب نفسا إذا حكم القضاء) أن تتحول خلال يوم وليلة إلى مأتم يودع الضيوف القادمين إليها من مختلف أنحاء الوطن، وداع حزين وإجهاض ليالي مهرجان بدأت التحضيرات له على قدم وساق، فهذا فنان كان يحضر أغنية يتدرب عليها منذ أسابيع، وذاك راقص يتقن رقصات "الإبل" على الطريقة اللفلوكلورية الأصيلة، وذلك شاعر يقرض الشعر هزجه ورجزه، وكامله ووافره، وتلك مغنية تردد في مقامات فنها من "كر" إلى "لبتيت"..
ولكن الفاجعة والأقدار كانت للجميع بالمرصاد وتخطط لحدث آخر ليس في ودان وإنما في مدينة أخرى من منكب موريتاني آخر هنالك في مدينة الطينطان حيث كان الأجل على موعد مع نجل الرئيس محمد ولد عبد العزيز في حادث سير مؤلم فاجعة انتشر صداها، وسالت دموع الجميع عليها، وأربكت الجميع ساعات من الزمن حتى أنهت الحدث الأبرز في موريتانيا.
سؤال محير يتبعه وداع..
منذ الساعات الأولى لبزوغ فجر الأربعاء 23 ديسمر 2015 والسؤال المحير للجميع : هل تم إلغاء المهرجان، يتساءلون : هل تتحدى المدينة هذه الفاجعة وتمضي في تنظيم المهرجان؟ هل يتم إلغاء الأنشطة الاحتفالية؟ هل يقوم الرئيس بتوزيع هدايا؟ وزارة الثقافة تكفلت بالاجوبة على هذه الأسئلة في خبر أضحى العنوان العريض الحزين في صحف موريتانيا "تعليق مهرجان ودان إلى العام القادم".
ما إن سمع ضيوف "وادان" و"أطار" هذا الخبر حتى قرروا تويع "آدرار" إلى عام آخر، الجميع يشد رحله هذه اللحظة، في محطات أطار لم تعد الأفواج متجهة إلى الشمال، سائقو السيارات لم يعد أحدهم يعلق الآمال على الرحلات الشمالية، الرجوع إلى نواكشوط قرار الجميع قرار ضيوف "وادان" بل قرار ضيوف ولاية آدرار جمعا.
يا سبحان الله يوم واحد كفيل بأن الطريق تسد بالأفواج العائدة من وادان إلى مدينة "أطار" فمدينة نواكشوط، وخيم حزن غريب عليهم ليس على وفاة نجل الرئيس فحسب، بل تتعلق القضية بالحدث المفاجئ لمن أعدوا العدة للمشاركة في مهرجان المدن القديمة ومحاولة إظهار البضائع في معارضه المعروفة.
وداعا يا ميدنة وادان..
ايتها المدينة الوادعة نودعك ولم نكتب عنك ما نريد، نودعك وكان بودنا لو بحثنا في مخطوطاتك كثيرا، نودعك ولم نجل في شوارعك الكثيرة، ولم ننفض الغبار عن مخطوطاتك، نودعك ولا نريد وداعك لكنه القدر يخبئ للإنسان ما لا يريد:
ولو نعطى الخيار لما افترقنا === ولكن لا خيار مع الزمانِ
مختار بابتاح