أثار غياب دول المغرب العربى لليوم الثالث على التوالى عن المشهد الداخلى بموريتانيا الكثير من الجدل داخل أروقة الحكم والمهتمين به، باعتبارها أول رسالة سلبية من التجمع الأقرب للبلد من الناحية الجغرافية إلى صناع القرار بموريتانيا والشعب الذي يمثلون اغلبيته.
لقد بدت الأسئلة المطروحة عالقة دون اجابة تذكر.. لماذا لم يتصل الملك المغربى محمد السادس بالرئيس محمد ولد عبد العزيز معزيا فى وفاة نجله، وهو الذى يمتلك سفارة وقنصلية وبعض المتعاونين مع أجهزته الأمنية بنواكشوط؟، ولماذا لم يستطع تجاوز الخلافات السياسية فى لحظة انسانية صعبة؟ ولماذا لم يرسل أحد أعضاء الحكومة أو المستشارين فى الطائرات المغربية المتوجهة كل فجر إلى مطار العاصمة نواكشوط أو سيارات الخضار العابرة للحدود غير المشتركة بين البلدين كل مساء؟.
ولماذا لم يكلف الرئيس التونسى الباجي قائد السبسى نفسه أو وزير الأول لحبيب الصيد بالاتصال بالرئيس أو تقديم التعزية للوفد الوزاري الذي كان بتونس لنقاش أوجه التعاون المفترض.؟ لقد غادر ولد حدمين مطار تونس الدولى عبر الخطوط الدولية من أجل العودة إلى بلده والوقوف إلى جانب الرئيس المصاب فى أعز أبنائه، بينما كان الواجب الأخوي والأخلاقى يقتضى من الشقيقة تونس ارسال وفد للتعزية، وتوفير الوقت على الوزير الأول الذى علم بالخبر وهو فى عقر عاصمتها المنكوبة بالخوف جراء الواقع المعقد بليبيا.
لقد تخلفت تونس عن موقف انسانى كانت استجابة الأفارقة له أسرع.
صحيح أن ابراهيم بوبكر كيتا استطاع الوصول قبل الصلاة على الراحل أحمدو ولد عبد العزيز، وأن الرئيس السنغالي مكى صال وصل نفس الليلة لتقديم واجب العزاء، والوقوف إلى جانب رفيقه فى وقت حرج، وأن رئيس النيجر حط هو الآخر ليتدارك وقت التعزية، وأن آخرين حبسهم البعد والتأزيم الداخلى، لكنهم قرروا الحضور بالهاتف أو ارسال وزرائهم برسائل مكتوبة.. لكن ماهو العذر الذي حبس الملك المغربى وحكومته؟ والحكومة الجزائرية ومجمل سياسيها؟ وتونس الحالمة بتعاون أكثر مع بلد أقر سياسيوه بحجم المصيبة قبل عائلة الرئيس؟.
لقد اظهر الأفارقة بالفعل أنهم إلى البلد أقرب، وللتضامن معه أسرع، ولتفهم جراحاته أكثر قربا، من مغرب عربى تنفخ فيه روح قومية لم تعد قادرة على تحريك المسنين من مقاعدهم الوثيرة، لقد تبلد الإحساس – حتى ولو لم يقلها الرئيس وحكومته- وخذل البلد فى وقت كان الجميع يتطلع فيه لموقف انساني نبيل، يؤكد مستوى العلاقة التى تحلم الشعوب بها، ويفرط فيها حكام العرب.
زهرة شنقيط