وادان .. همسات سحر .. ولحظات فجر

أحد, 2015-12-27 14:09

.. أرخى الليل المقمر سدوله على تلك الديار العتيقة آذنا بهدوء تام.. وخشعت الأصوات كلها فلا تسمع إلا همسات تتقطعها أصوات حيوانات لا يدري الوافدون الجدد هل هي أصوات أرنب الجبل (اكليلو) أم هو بوم الصخر يختلف نعيبه عن بوم الصحاري، فمن يدري أن الجبال تخبئ لضيوف الصحراء الجدد مفاجآت لا يعلمونها وهم الذين عاشوا في السهول منذ نعومة أظافرهم..

وتمضي ساعات ليل أكثر سكونا من ليل جبران خليل جبران :

"سَكَنَ الليلْ وفي ثوب السكونْ 
تَخْتَبِي الأحلامْ
وَسَعَى البدرْ 
وللبدرِ عُيُونْ 
تَرْصُدُ الأيامْ .."

هو سكون الليل في وادان يطلق العنان للخيال ويترك للأديب يدون في وجدانه  عن مدينة لها حكاية مع التاريخ الطويل حتى تغلبك عيناك الناعستان وتخلد إلى النوم .. نم قرير العين أيها الضيف فالأهل أهلك والأرضك مضيافة بأهلها .. مريحة بطبيعتها ..

 الآن وقد  عسعس الليل وتنفس الصبح .. وهبت نسائم السحر قادمة من الوداي الغربي حامل معها عبق الواحات المتناثرة في حضن الكدَيّة الصغيرة.... ديكة المدينة تصيح، ومآذن المدينة ترفع أصواتها "الله أكبر الله أكبر.." القمر يخفت نوره آذنا بغروب عن الأفق وفي الجهة الأخرى من الكون يتراءى غبش الفجر وتباشير صباح أول يوم من أيام وادان على الضيف الجديد..

الفجر يبزغ ويتبدد في الأفق من ذلك الشرق البعيد وفي تلك البطاح الوردية والجبال العارضة كنوء سيمطر على المدينة قبل الشروق.. ضوء الصباح يكشف لنا في سويعاته الأولى مزيدا من أسار المدينة.. هذا منزل من الحجارة القديمة مركش بطريقة معمارة تعود إلى القرون الغابرة.. وهذه محظرة أهلية تلاميذه يقرؤون ألواحهم الخشبية ويهتزون على وقع مقامات القراء.. ولتك مآذن تناطح الزمن وتصمد في وجه عادياته.. وفي الوادي وديان النخيل الباسق تحتضنها القلعة وكأنها تستيقظ مع الطيور الخارجة للتو من أوكارها .. إنها طبيعة وادان الفجرية  تعجز اقلامنا عن تخليدها فنقف متأملين في لحظة صفاء مفعمة بالتاريخ والحضارة والثقافات.

اقرأ أيضا