تعذبنا الذكرى كما أيها الحبر
يعذبك الأعدا وشيمتك الصبر
نصارع الوانا من الحزن والأسى
فتصرعنا قسرا وينقبض الصدر
ترانا سكارى بالهموم كأننا
شربنا مداما او شرابا به سكر
وشتان ما بين المدامة والأسى
فإحداهما عذب وإحداهما مر
أسارى بسجن الهم والليل مظلم
فلا قمر يجلو الظلام ولا فجر
ونبكي ولكن كيف نبكي ونحن من
تركناك عند الموت يلهو بك الشر
فهذا أبوك اليوم يبكي بنيه
ضريرا قد أعماه الترقب والهجر
ويبكي فتى الفتيان في كل شعبة
مهندسنا والبدر إن أفل البدر
فقد شهدت أعداءه بذكائه
ودونه التاريخ منا لنا الفخر
فتى خدمة الأوطان كانت حياته
يساعده في ذلك العلم والفكر
فبعناه للأعداء من غير مبلغ
لجهل فبان الغبن وانتشر الخسر
وأصبحت يامظلوم في قبضة العدى
وبينك والدنيا عذابهم ستر
أسيرا لديهم منذ عقد ونصفه
ولا زلت جلدا لا يزحزحك الأسر
رموك بسجن سيئ الصيت موحش
فآنسك الترتيل في السجن والذكر
وصرت لأهل الحق شيخا وقدوة
تساوى لديك العسر في الحق واليسر
وتنصر دين الله في كل بقعة
ومن ينصر الرحمن حق له النصر
وقد خدعوا -اذ خادعوك- بلادهم
ومن خان غدرا لن يسامحه الدهر
وماذا عليك اليوم والحق ناصع
إذا من حميم مخلص جاءك الغدر؟