لا يخفي علي المتتبع لشؤون العمل النقابي في البلاد في الآونة الأخيرة، الصراعات التى تعيشها نقابات أساتذة التعليم العالى، فعلى مستوى النقابة المهنية لأساتذة التعليم العالي، شهدت الأسابيع القليلة الماضية حراكا غير مسبوق للقائمين علي هذه النقابة بغية جعل هذه الأخيرة إطارا مفتوحا في وجه جميع الأساتذة باختلاف انتماءاتهم و توجهاتهم وتشعب تخصصاتهم بكل مؤسسات التعليم العالي ، يكون منبرا لاقتراحاتهم وآرائهم وأفكارهم لبلورة تصور جماعي مشترك لعمل نقابي جاد مبني على التواصل المستمر والمؤسساتي مع جميع مرافق القطاعات يكون في مستوى التحديات والرهانات المطروحة على مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.
كما أن الحراك الأخير يضع في أولوياته ضرورة استقلال القرار النقابي ورفض إخضاعه للأجندات السياسية والوصايات الحزبية، إضافة إلى استيعاب مختلف الحساسيات النقابية الفاعلة، والقطيعة مع النماذج البالية لإدارة العمل النقابي في التعليم العالي، بالإشراك الفعلي والتمثيل الحقيقي للجميع بدون استثناء، أمور من بين أخري يعتقد البعض أنها لم تعد تتوفر في النقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالي باعتبار أنها حادت عن المسار الذي كان مرسوما لها، وكذلك النقابة العامة لأساتذة التعليم العالى و التي تضم أساسا بعض أساتذة التعليم الثانوي ومعلمين تم دمجهم في سلك التعليم العالي.
ويرى البعض أن فشل إضراب 14 ديسمبر كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فرصة لم يضيعها الفاعلون في النقابة المهنية لأساتذة التعليم العالي طويلا، حيث سارعوا إلى مضاعفة جهودهم عن طريق تجديد أقسام نقابتهم و شن حملات اتصالات و لقاءات مكثفة تكللت بانسحابات كبيرة من الجانب الأخر لصالحهم ، كان مسرحها الأهم كلية العلوم والتقنيات، جامعة العيون الإسلامية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، المدرسة العليا للأساتذة وكلية الطب ومازال الصراع محتدما على مستوى كلية العلوم القانونية و الاقتصادية رغم أن المؤشرات تشير إلى أن حسم الصراع لصالح النقابة المهنية لم يعد سوى مسالة وقت وسط الحديث عن عزوف السواد الأعظم لأساتذة الكلية المذكورة عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالى.
ويرى المحللون بان مسلسل الانسحابات المتوالية فى صفوف منتسبي النقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالى والنزيف الذي يطالها، يترجم فقدانهم الثقة بمشروعها النقابي وحيادها عن مبدأ الشمولية و الاستقلالية الذى يحتم تجنب النمط الفئوي الانتقائي التبعى في معالجة وتخطيط وإدارة جميع الملفات بما يحول دون تحقيق المصالح المادية والمعنوية لجميع الأساتذة، بل وذهبوا إلى اعتبار أن البقية الباقية من منتسبيها تتخندق سياسيا تحت لواء حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية – تواصل- أو على الأقل من المتعاطفين معه، الأمر الذي تذرع به غالبية الوافدين الجدد إلى النقابة المهنية لأساتذة التعليم العالى باعتبار انه لا يمكن تصنيف هذه الأخيرة إيديولوجيا لأنها تضم جميع الأطياف حسب وجهة نظرهم.
وعلى كل حال، فإن غدا لناظر مستقبل نقابات أساتذة التعليم العالى لقريب، على أمل الحصول على إجابات حول حقيقة واقع هذه النقابات فى ظل الانهيارالمتسارع لبعضها والارتقاء الصاروخي للبعض الآخر ، و هل هو نتاج طبيعي لإرادة عفوية... أم أن للدولة اليد الطولى فيما يجرى.. آم أن للتعليم العالى رجالات هم ادري بشعاب أساتذتهم.
اجيه ولد سيدى هيبه