الكتابة عن البلد بين الألم والملل والأمل

أربعاء, 2016-01-20 15:04

هذا المكتوب المتواضع هو الحادي أو الثاني عشر من سلسلة بها: التحليل الارشاد النصح لولي الأمر ولمن قلدهم نيابة عنه تسيير بعض شؤون الأمة.

 

ولقد ترددت كثيرا في الزيادة من المقال بعد أن نصحني رجل الشارع: لا فائدة في التحاليل فأحسن ما تفعل بك التشهير ثم أن من يقدمونها لأصحاب القرار ثم إلى رئيس الجمهورية يحللون بعشرة أوجه لا وجود فيها للمسالمة.

 

من بعد ومع احترامي لموقف الرجل النصوح قررت المتابعة عل وعسى تتغير المقاصد ويعلم من كلف حمل مصالح الأمة أنه رب مقال غير متعال قد يساعد في الانة الأحوال ألم نسمع: الحكمة من غير الحكيم.

 

البدء: رجوع إلى الموضوع

من حيث بدأت تجد بإمكانك تشكيل كلمة: أمل من كل كلمة من كلمات العنوان الثلاثة فقط يلزمك القراءة من اليمين أو الوسط أو حيثما شئت. الأكيد حصولك على الكلمة: أمل بسعي بسيط وتصرف في جهة بداية القراءة.

 

الشيء نفسه منطبق على كلمتي: ملل – ألم لا حظ معي وحدة الوزن وتطابق الأحرف وتضاد المعاني.

 

لا أدعي التوفيق في إقناع غيري بما ذهبت إليه إلا أنه واقع فرق بين وجود الطرح والنجاح في إفهامه للناس فالأول أهم والثاني يتم التوصل إليه ببعض المحاولات.

  

من جهة أخري سيعزو كسالى الفكر اتحاد الأوزان إلى الصدفة، المخرج الوحيد المتوفر كلما استحقت مواضيع معينة بعض التحليل والدراسة إلا أن التطور الحاصل في اللسانيات والمدارس اللغوية إذا ما أحسن استغلاله يكفل بل ويساعد في تخطي العديد من المصاعب والمفاهيم ذات الصلة.

 

أعلم كذلك أن هذا المبحث عند الكثيرين بلا معني أو غير مجد: التعود السائد أن مباحث الأرزاق وحدها تستحق العناية.

 

كذلك الأمور السياسية وما فيها من مواقف ومزايدات، كل ذلك ينظر إليه شارعنا بشيء من الاعتبار ولذلك ورغم معرفتي بأهمية الموضوع اللساني أو اللسانياتي من الناحية الأكاديمية فسأوجه المبحث هذا إلى الواقع السياسي الذي يعيش البلد مبديا بعض الطرح من جهة ومرشدا إلى بعض السلوك الذي ينفع أو يساعد بإذن الله.

 

عنوان جديد قديم: البلد بين الأمل والملل والألم

وإن نِشأ نقول: الحوار بين الملل والألم الأمل فيكون الأمل هو الأخير وهذا هو الطبيعي إذ نريد ترك مساحة للأمل فلا نقنط من الرحمة.

 

ينعقد الاجماع اليوم علي أن الواقع السياسي في موريتانيا به خلل مؤداه عدم قدرة اللاعبين السياسيين علي طرح متناغم يجمع ويعصم من الزلل أو الانزلاق.

 

إن تعمدهم الابتعاد عن التوافق جعلهم ينعتون من طرف المثقفين – عديمي الاعتبار - بأنهم عشاق حكم بأي ثمن.

 

البعض لا يرى أنه مسؤول إلا عن البرهنة على أنه موجود وأن تجاوزه مستحيل ويفضل في الظاهر ميل الأمور إلي السوء إذ كلما حلت قارعة احتسبها تملي الإنصات إليه حتى لا يكون عنصرا مضافا يعكر أكثر مجريات الأحداث على الحاكم.

 

هؤلاء هم من اصطلح على تسميتهم: المعارضة الحقيقية، بمعنى معارضتهم كل شيء ولو على حساب الأمة.

 

كذلك الموالون: لا يمكنهم جني النجاحات والتمويلات إذا ارتبطت بأي شكل من الأشكال بتلبية مطالب يرفعها المعارضون فهم في سبيل ذلك يضحون بمصالح عليا خشية مصادفة حاجة أو مطلب في نفس المعارضة.

 

إن الانطلاق من قاعدة الـ51% والأغلبية المطلقة وهي مسلمة دستورية لا تتناقض مع الاعتراف بـالـ48 الذين كتب الله أنهم في الجانب الآخر والصحيح أنه في كل مباراة لا بد من فائز، ولكن لنعلم أنه حين يتعلق النزال بالأمة فالفوز المباح والمستدام هو فوز الأمة كاملة غير منقوصة.

 

الصواب أن المصالح العليا خطوط خضر – حتى نتجنب الحمرة – ينبغي أن يسعى إليها الجميع: حكاما ومعارضين لأنها أولا وأخيرا إنما تخدمهم: الحاكم؛ بوصفه المستفيد والقابض والمعارضة، لأنها من سيعمل على انتزاع الممكن منها وإلا عملت على فضحها إذاً ثمة مستفيدان لا ثالث لهما إلا في الجانب النظري القائل بأن المستفيد هو الشعب.

 

وأما نحن العوام فنقول: المستفيدون أربعة وخامسهم من يلتحق بهم أو سبعة وثامنهم بائعهم والله أعلم بعددهم فلا نمارى.

 

ورأي آخر متواتر يرى أن المستفيد ينبغي أن يكون الشعب وهو قول عند المعارضين ضعيف.

 

وقائع نعيشها ونختلف حول نتائجها و انعكاساتها:

أيام للحوار- منتديات – دعوات - منتدى – معاهدة - موالاة - مجتمع مدني: كل هذا الجمع لو سلمت النوايا كنا تجاوزنا كل صعب.

 

وهناك أيضا بعض السلوك الجدير ذكره: انسحاب – تشكيل لأحزاب جديدة – الضغط في كل اتجاه فهل يا ترى يغير هذا من المشهد؟

 

إن ما ينجي الوطن هو العمل المسؤول لا المراوغة: فتشكيل حزب من آخر أو على نقيضه له بالطبع تأثير ولكن ولأن الحزب الأم ولما لم يمت فالباقون فيه سيتشددون ولأنهم بذرة أصلية فهناك من سيلتحق بهم لأسباب:

دعواهم أن مائة واثقة تغلب ألفين.
يزدادون من قادمين يخشون داخلي خط المخزن لإدراكهم أن ذلك على حسابهم وهكذا تتحصل الدوامة: متجهون إلى النظام يضيقون الخناق على من هم في الأغلبية فتتجه فئة منهم إلى المعارضة فلا تدري حسابيا الحاصل الذي قد يكون فرقا بين مربعين يحتاج مراجعة مسلمات رياضية لا يحضرني منها إلا: دلتا.

 

وإذا أصبح الأمر ديدنا ولا يغير من الأمر شيئا: منسحبون - قادمون - متذبذبون.

 

إن موت المعارضة غير مستساغ، فالذي يلد لا يموت والمعارض يلد من:

الغيظ من عدم إسداء المعروف من قبل النظام.
زعم عدم المكافأة عند من قدموا معروفا للنظام.
إلى غير ذلك من أسباب نعلمها ولكن لا يهمنا حصرها لانعدام الفائدة.

 

وتحت دافع الممل والتململ واليأس ينشأ كثير من المعضلات لا أحد يعلمه يضاف إلى ذلك تصرف المسؤولين الكبار باتجاه قطع أرزاق الناس يعطونها لآخرين - عطاء غير المالك لمن قد يستحق أو لا يستحق، المهم أن ظلما ما يتم ولأن صانعيه ذو منعة أو حصانة فهو قد يدوم ويطول سمح هذا الوضع بالاعتراف بأن الوساطة والوشاية والنفاق خير من الاقتدار والجدارة.

 

إن – وقد تكون للتقنين - عدم اكتراث مسيري الدولة بهموم الناس بل وخلقهم الأزمات بظلم المواطن والموظف ينبئ عن اعتقادهم أنهم ليسوا شركاء فعليين في قيادة السفينة ولا يهمهم غرقها ولا وصولها بر الأمان. علي الرئيس إذا أن ينظر بجد وحزم إلى هذا المنحي غير الطبيعي.

 

ولقد كتبنا مرات ومرات عن أن مشاكل الرئيس متولدة من تصرف من ملكهم زمام الأمور فأصبحوا:

- لا يبادرون إلى حل أي عالق.

- يخلقون الأزمات

- يتلاعبون بالنصوص

 

لعلي ابتعدت عن الموضوع لبعثرة أوراقه وكثرة تقلبها إذ لا يمكن لأي مفكر ولست هو ولا لمواطن عادي وأنا هو أن يسلم ذوقه وتخيله من الضباب المخيم الطاغي على الوضع السياسي وعلى مآل الحوار المزمع.

 

وأخيرا أرجو أن تتضح الأمور ويحل التنازل محل النزال، والتحاور والتشارك مكان التشاجر والتنافر، ورأيي الشخصي أن هذا ممكن - فلم لا نجرب؟

محمد يحيي ولد العبقري

اقرأ أيضا