تزامن الأزمة الداخلية في التكتل وخلافاته مع المنتدى !!

ثلاثاء, 2016-01-26 15:54

هل التزامن بين الأزمة الداخلية لحزب التكتل وخلافاته مع حلفائه في المنتدى، هو مجرد سوء طالع سياسي؟ أم أننا أمام لعبة محكمة يقوم خلالها عميد الأحزاب الموريتانية بصب الزيت على النار وتأجيج الخلاف مع رفاقه التقليديين، لحاجة ما؟

السؤال يستحق الطرح والنقاش، خاصة وأن الخلاف بين التكتل ورفاقه في المنتدى،  والذي  بدا خلال أيامه الأولى مجرد غمامة صيف لن تلبث أن تزول وتنقشع، سرعان ما تحول بفعل فاعل إلى ما يشبه كرة الثلج، وألقى بظلال كثيفة على المشهد السياسي الوطني، خاصة في نصفه المتعلق بالمعارضة.

والواقع أن البحث في المشكلة العالقة بين المنتدى و"التكتل"، يقودنا إلى خلاصة محيرة وصادمة في الآن ذاته، مؤداها أنه لا توجد مشكلة البتة بين الطرفين، وإنما هي أصابع خفية تحاول جهدها أن تحيك مشكلة من لا شيء وأن تبقي عليها لأطول وقت ممكن.

وأما التحجج بلقاء بعض أحزاب المنتدى بالوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، فلا يبدو هو الآخر مقنعا أو قادرا على تبرير حدة الجفاء بين الطرفين، خاصة أن ما حدث وقتها لا يرقى إلى درجة الخلاف، بل هو مجرد فتوى سياسية لامست هوى لدى أغلبية المنتدى، بينما ذهب "التكتل" وحزبان معه مذهبا آخر.

ثم إن كل ما فعلته تلك الأحزاب هو أنها ببساطة أبلغت الوزير بالموقف الثابت للمنتدى والقاضي بعدم عودته إلى طاولة الحوار ما لم يتلق ردا مكتوبا على وثيقة الممهدات ويقوم بتقييمه، كما أن تلك الأحزاب عادت أدراجها إلى قواعدها سالمة ولم يسجل أنها تركت وراءها أية تنازلات قلت أو كثرت.

فما الذي منع المياه من أن تعود إلى مجاريها الطبيعية في الأيام التالية؟ ولماذا تأجلت تسوية خلاف بسيط كان يمكن وأده خلال اجتماع ودي بين الأطراف، يحتسون فيه كؤوس الشاي بالنعناع ثم يصبون الماء على النار ويضعون نقطة عند نهاية السطر؟

كل طرق الإجابة على هذه الأسئلة أو محاولة تفسير ما حدث تؤدي إلى "التكتل" نفسه، حيث يبدو الحزب هو المستفيد الوحيد من خلق هذه الأزمة وإطالة عمرها.

فقد كان "التكتل" في حاجة ماسة إلى حدث سياسي بحجم خلافه مع المنتدى، لكي يصرف أنظار الفضوليين عن الزلزال العنيف الذي ضربه في العمق، والذي ما تزال هزاته الارتدادية مستمرة حتى اليوم.

وبهذا المعنى، نحن أمام لعبة سياسية ذكية ومحكمة للغاية، قام خلالها "التكتل" باقتناص "لحظة" خلافه مع المنتدى والتي تزامنت مع موسم أعاصير داخلية كان يلوح في الأفق، من أجل صرف أنظار الإعلام عن الغسيل الهائل، الذي كان واضحا  أن شرفة الحزب ستكتظ به خلال الفترة الأخيرة.

ولعل ما يدعم هذه النظرية هو أن الحزب نجح إلى حد بعيد في جعل خلافاته الداخلية تحظى بعناوين فرعية وهامشية، بينما استأثرت مشكلته مع المنتدى بالعناوين العريضة وأسالت الكثير من الحبر والكلام، وهو ما مكن "التكتل" من تقليل حجم خسائره ومنحه فرصة مهمة لامتصاص الصدمات بعيدا عن الصخب والأضواء، وهذا الأمر لم يكن ليتحقق لو أن مياه المنتدى عادت إلى مجاريها الطبيعية في الأيام الأولى التي تلت الخلاف.

باختصار  سيكون على المنتدى وكل "رسل السلام" أن يضبطوا ساعاتهم على توقيتات حزب "التكتل" وأن يصبروا عليه قليلا حتى يتجاوز منطقة المطبات الحالية وترسو سفينته على بر الأمان وعندها فقط يمكن الشروع في  الحديث عن عودة الأمور إلى نصابها.

وفي انتظار أن تحين تلك اللحظة تقول بقية الحكاية: إن الخلاف لابد أن يستمر...حتى تكتمل خيوط اللعبة.

الكاتب البشير ولد عبد الرزاق

 

اقرأ أيضا