لمن "التصفيق" اليوم ؟

أربعاء, 2016-02-03 19:36

نقطاع التيار الكهربائي خلال افتتاح فخامة رئيس الجمهورية لأعمال مؤتمر دولي في نواكشوط، وبينما كان فخامته يلقي كلمة أمام الحضور..هذا هو الخبر الأبرز اليوم على مواقعنا الإلكترونية.
البعض رأى في الأمر فضيحة ، فيما اعتبره آخرون "حدثا عابرا" ولا يستحق التعليق.
في نواكشوط يعتبر انقطاع التيار الكهربائي أمرا "أكثر من عادي" ولا يثير اهتمام أي كان، حتى "صوملك" لم تعد تكترث له ولا تكلف نفسها عناء اعتذار أو تبرير، لأنه تحول إلى جزء من الروتين اليومي ، سواء للشركة أو للسكان، لكن ما حدث اليوم كان سابقة، وإن كان لن يغير شيئا.
ما أثار اهتمامي ليس انقطاع التيار عن فخامة القيادة الوطنية قبل أن يكمل حديثه، فهو في النهاية مواطن موريتاني و "ماهو أكبر من ال اجيبلو مولانا"، كما يبدو أيضا أن قطع التيار الكهربائي مجرد خبط عشواء "من يصب يُظلمه" سواء كان رئيسا أو مرؤوسا..لكن المثير للاهتمام حقا هو "تصفيق" الوزراء غير المبرر.. 
هل صفقوا لـ"صوملك" لأنها تجرأت وقطعت التيار الكهربائي عن الرئيس وضيوفه ؟، أم صفقوا للرئيس لأنه ارتبك عند انقطاع التيار وأرادوا تشجيعه على مواصلة الحديث ؟ أم صفقوا للضيوف ليظهروا لهم أن الأمر "عادي" ولا يتعلق بعمل إرهابي ولا محاولة اعتداء؟..
أغلب الظن أن "التصفيق" جاء عفويا، فوزراؤنا أدمنوا التصفيق عندما يتحدث الرئيس، حتى ولو كان "يخطي اعليهم"، تماما كما أدمن الشعب اللهث خلف الشعارات الجوفاء للحكومة وتصديقها..
نحن شعب "صفاق" بالفطرة، وما لم نغير تلك العادة فلا أمل في تحقيق تقدم على أي مستوى كان، وسيواصل العسكر وأتباعهم دوسنا بالأحذية الغليظة..
أحد الصحفيين بالتلفزة الموريتانية كان يقدم في بداية القرن الجديد برنامجا يسمى "نادي المعرفة" ، وهو برنامج تنافسي يشارك فيه طلاب المدارس.. المهم أن صاحبنا كان عندما يجيب أحد الطلاب بإجابة صحيحة يقول: "صفقوا له"، وربما كان ينسى ذلك ثم يتذكره فيقول: "نسيت أن أقول لكم صفقوا له، إذن ..صفقوا له".. كان يريد أن يربيهم على "التصفيق". 
العرب عموما أمة "صفاقة"، وليس ذلك جديدا عليهم، فحتى في الجاهلية كانوا يصفقون عند البيت الحرام، تعبدا منهم لآلهتهم، كما في قول الله تعالى : "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصدية"، و"التصدية" هي التصفيق، كما قال المفسرون..
هل سيفتح الرئيس تحقيقا مع الشركة والوزارة المسؤولة حول حادثة اليوم ؟ لا أعتقد. سيقول له المقربون منه إن الكهرباء انقطعت لأن وقت ذهابها إلى دول الجوار قد حان ولا يمكنها أن تتأخر عنه، وقد يقنعه بعض مستشاريه بأن التيار الكهربائي قد انقطع "خجلا" من "نور" فخامته وضيائه.. وهكذا تضيع القضية بين "الصفاقة".
لم يوصلنا إلى هذا الوضع الذي نحن فيه إلا "التصفاق"، وأننا لم نقل للحكومة قط ولا للرئيس "لا"، ولو أننا حثونا التراب في وجوه المسؤولين ووقفنا لهم بالمرصاد لما وصلنا لهذا الوضع... فمتى يقذف اليم تابوت هذا الضياع ؟
انتهى.
نقلا عن صفحة الكاتب أحمد فال محمد آبه

اقرأ أيضا