كانت عيون سيد محمد ولد الكصري شاخصة خلفه وهو يودع منازل المحبوبة في طريقه إلى تكانت، فكانت يتلفت ذات اليمين وذات الشمال نحو خِيَمِ الصوف المتطايرة في حي "إبلغان" جنوب مدينة بتلميت، يودع تلك الخِيم ولا يريد أن تختفي من عيونه ويلخص هذه القصة بحروف من الحب النظيف الشفاف:
يامس دار إبلغانْ احياتْ = = ذاك ال شكيتْ انّ ماتْ
اگبلْ من تلياعِ وامحاتْ = = من لخلاگ ال خاطيه
واتلفت اعليه مراتْ = = كيف ال ناس ش فيهَ
واعگبتْ امنين ابعيد ابگات = = انبيتْ اتلفت اعليه
تلفيت منِ ماخلات = = فظل لاه نكره بيه
وال نبغ ذ الِ موجودْ = = اتل فالدني راعيهَ
مان فيه موجود انعود = = نكرهه واللّ نبغيه
فيواصل ولد الكصري سيره في رمال بتلميت الذهبية مرورا بسهول "آفطوطْ" الجراداء، حتى إذا ما شم رائحة الوطن الأصلي وهبت نسائمه وتراءت له مرتفعات "تكانت" البنية في الغيوم حن إلى تلك الربوع وبكى عليها قائلا:
حَدْ أَصِيلْ افْتَگَانتْ شَامْ == نافدْهَ لاگِ عَنْهَ عَامْ
واعْمَلْ بلْيَالِيهْ أُلَيَّامْ == لَيْنْ الْحَگْ منْهَ بَلْ امْنَيْنْ
عَادُ ايْبَانُولُ رُوصْ اخْشامْ == اكدَ تَگَانتْ متْحَدِّينْ
فالْغَبْيْ اعْلِيهمْ هَاكْ اغْمَامْ == هُومَ زَادْ ألَّ مَشْيُوفِينْ
مَزَالُ فالْغَبْيْ أُ لغْمَامْ == يَنْبَاوْ أُ يَغْبَاوْ امْسَاكِينْ
مَا يَبْگ شَوْقْ ادْرَسْ مَا گَامْ == أُ لاَ يَبْگ ف الْعَيْنِينْ اخْزِينْ
أُلاَ يَبْگ مَنْظُومْ افْلكْلامْ == مَا جَاوْ الْفَاظُ مَنْظُومِينْ
أُيَبْگ مَا وَدَّ حَقْ اتْرَابْ == مَاهِ كِيفْ اتْرَابْ اخْرَ زَيْنْ
أُلا حَقْ امَّلِّ زَادْ احْبَابْ == مَا ينْجَبْرُ فَ ابْلادْ اخْرَيْنْ.
ويستقر به المقام فيلمع معاهد درّسا وموضعا مر به في صباه فحولته السنون والسوافي إلى جذع شجرة لخص قصة هذه الأرض وعبث السنين بها:
نَعْرَفْ بُنَايَ كَانتَ هُونْ == دَهْرْ ابْعِيدْ ؤمنْ هُونْ ؤدُونْ
الَّ عَادتْ بَاطْ اجْدرْ بُونْ == ؤعَگْبتْ عَادتْ تنْبُصْكَايَ
وافرغ هاذ كامل يَكُونْ == اركيكْ ؤبْتتْ صدْرَايَ
مَاهِ بُنَايَ باطْ الله == يگْطَعْ بالدَنْيَ خَلاّيَ
مَعْوَدْ لامتْهَ والتّنْزَاهْ == اعْگُوبتْهُمْ رَدْ ارْوَايَ
رحم الله سيدي محمد ولد الكصري كان أديبا رومانسيا بكل المقاييس.