حاول المؤتمر العربي الثاني للحد من الكوارث، الذي اختتم فعالياته في مدينة شرم الشيخ المصرية (شمال شرق) أمس الثلاثاء، أن يستبق التطرف المناخي، بإجراءات اعترف المشاركون في المؤتمر أنها لن تمنعه، ولكن على الأقل ستقلل من مخاطره.
ولأن مواجهة المشكلة تقتضي في البداية الاعتراف بها، فقد تضمن الإعلان النهائي الصادر أمس في ختام المؤتمر مجموعة من الحقائق، وهي أن أجزاء مختلفة من المنطقة العربية معرضة للأخطار الجيولوجية مثل الزلازل والانهيارات الأرضية، بالإضافة إلى الأخطار المرتبطة بتغير المناخ مثل الجفاف والعواصف الرملية والسيول والفيضانات والعواصف الثلجية.
وتضمن الإعلان، اعترافا بنقص الموارد وضعف أو عدم توافر أنظمة للإنذار المبكر وهشاشة البنية التحتية، بما يؤدي إلى زيادة حجم الخسائر في الأرواح وسبل المعيشة الناجمة عن الكوارث.
وأشار الإعلان إلى أن 14.5 % من إجمالي مساحة المنطقة العربية غير صالحة للزراعة بسبب ندرة المياه والتصحر وتدهور الأراضي، وأن أكثر من 37 مليون نسمة بالمنطقة العربية بين عامي 1980 و2008 تأثروا من جراء الجفاف والزلازل والفيضانات والسيول والعواصف، وتضرر الاقتصاد العربي بحوالي 20 مليار دولار أمريكي.
من جانبه، قال وديد عريان كبير مستشاري الحد من مخاطر الكوارث والتغير المناخى بجامعة الدول العربية، إن "هذه الأخطار مرشحة للتزايد خلال السنوات المقبلة".
وأوضح أن المهمة التي يسعى لها المؤتمر هي اقتراح التوصيات التي يتم رفعها لصناع القرار، ليس من أجل منع وقوعها، ولكن للتقليل من آثارها الضارة.
وأورد عريان بعضا من مبرراته التي تدفعه لهذه الرؤية، قائلا "سيحدث زيادة بين درجتين وأربع درجات في الحرارة مع نهاية القرن الحادي والعشرين، وعلاوة على ذلك سوف يصاحب هذه الزيادة في درجة الحرارة انخفاضا متوقعا في معدلات المطر بما يتراوح بين 10 و 20 %، وسوف تعاني المنطقة من قصر فصول الشتاء وازدياد الجفاف وحرارة فصول الصيف وزيادة معدلات حدوث الظواهر المناخية المتطرفة."
وأشار إلى بعض من هذه الظواهر، وهي ارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن ارتفاع درجة الحرارة، وهي الظاهرة التي ستؤثر على 18 % من سكان شمال إفريقيا الذين يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة، لاسيما مدن الاسكندرية المصرية وتونس العاصمة، والجزائر العاصمة، والدار البيضاء بالمغرب ونواكشوط عاصمة موريتانيا، حيث كشف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (هابيتات ) أن هذه المدن ستكون الأكثر تضررا.
وانطلاقا من استعراض حجم المشكلة في الماضي والحاضر واستشراف مستقبلها، خاطب المؤتمر صناع القرار بـ 19 توصية تضمنها إعلانه الصادر أمس، من بينها تطوير إطار مؤسسي مناسب كهيئة أو لجنة يتم تكليفها وتفويضها بالصلاحيات وتزويدها بالموارد بشكل كافي لتنفيذ مسئوليتها في الحد من مخاطر الكوارث، وتطوير آلية إقليمية تجمع العلماء العرب وربطها بالهيئة الاستشارية الدولية للعلوم والتكنولوجيا بشأن الحد من مخاطر الكوارث.
كما تضمنت التوصيات تطوير وتعزيز أنظمة الانذار المبكر الوطنية والإقليمية لتحديد وتقييم ومراقبة المخاطر، وتطوير آليات تمويل وطنية للحد من مخاطر الكوارث والتعامل مع تداعياتها، ودعم الأمانة الفنية لجامعة الدول العربية لتعزيز قدراتها في متابعة تنفيذ الدول لإطار عمل الحد من مخاطر الكوارث.
فهل سيتم الاستفادة من هذه التوصيات، أم أنها ستصبح مثل كثير من توصيات المؤتمرات العربية، مجرد أوراق لا يعمل أحد بما فيها؟
وردت مارجريتا فالشتروم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الحد من الكوارث ، والتي شاركت في أغلب جلسات المؤتمر على هذا السؤال، فابتسمت قبل أن تجيب قائلة إن "وظيفة المؤتمرات الدولية التي تتحدث عن ضرورة الحد من مخاطر الكوارث هي تقديم التوصية المستندة إلى معلومة ولكننا لا نملك إجبار الحكومات على التنفيذ، فلابد أن تكون هناك إرادة سياسية للحد من الكوارث ".
وتوصل استطلاع للرأي أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال شهر يونيو من العام الماضي في المنطقة العربية إلى أهمية الالتزام السياسي في قضية الحد من الكوارث.
وتضمن الاستطلاع سؤالا حول أبرز ما يحتاجه العالم العربي حتى يكون أكثر قدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، فجاء الالتزام السياسي في مقدمة ما أشار إليه مَن شملهم الاستطلاع بنسبة 24.5% في مقابل التمويل بنسبة 17.6 %.
واستمر المؤتمر العربي للحد من مخاطر الكوارث ثلاثة أيام في مدينة شرم الشيخ المصرية، وشاركت فيه وفود تمثل 37 دولة عربية وأجنية، وتم تنظيمه بالتعاون بين الحكومة المصرية، والجامعة العربية، ومكتب الأمم المتحدة للحد من أخطار الكوارث.