فشل انقلاب يونيو2003م ليس بسبب نجاة الرئيس معاوية من الاعتقال وليس بسبب عدم إذاعة بيان في وسائل الإعلام وليس بسبب انطلاق المقاومة من طرف النظام بعد تجاوز الصدمة وانتهاء مفعول المباغتة و لكن بسبب اقتحام ضباط لفيلا رئيس مرهوب الجانب وعدم ذهابهم لقيادة الأركان ،التي كانت ستعتقل الرئيس وتسيطر على الوضع وتذيع البيان الأول رغم الظروف النفسية لضباطها وجنودها بعد الموت المأساوي لقائد الأركان.
فشل انقلاب 2004م ليس بسبب توسع قاعدة العارفين بأمره من سياسيين ومدنيين وليس بسبب الاستقالات في التنظيم بعد امتصاص معلوماته (....) وتسليمها للجهة المعنية وقبض المحيط المقرب لثمنها وليس بسبب تعاون (...) الذي فتح له باب المناصب ،ولكن يتم التركيز على مخبر واحد( مكحلة) الذي طرأ عليه طارئ بعد أن كان موضع ثقة ،
والتركيز هذه المرة ليس لأن النظام فضحه مع آخر بالتوشيح ولكن ليلمز من قناته من سير المرحلة الأخطر الحارقة للأعصاب بين الفشل والاعتقال 2000م وزلزال يونيو 2003م .الذي فاجأ بتكتيكاته أجهزة أمن النظام. صحيح وشاية مكحلة وغيره أضرت المشروع ولكن هذه مسؤولية مكحلة ورفاقه غير المكشوفين وليست خطأ من تواصل مع مكحلة في مشروع كله مغامرة قابلة للانكشاف والاختراق كما هو حال جميع الانقلابات ،هل يمكن اتهام سيدأحمد ولد ابنيجارة مهندس الجناح المدني لانقلاب 10يوليو لإن أحمد ولد الزين بلغ الرئيس المختار ،
هل يمكن اتهام المصطفى ولد محمد السالك وبحام وابنيجارة لإن الضباط (به ..ول) بلغوا عام 1982م، هل يمكن محاسبة قادة انقلاب 1987م لإن (..) بلغ . ولكن ماذا عن وشاية أحمد ولد الدي الذي تمت الموافقة على الاتصال به ،من يتحمل مسؤوليتها -وفق هذا المنطق- هل يتحملها عبدالرحمن الذي باشر الاتصال أم جهة أخرى ،أم الظروف غير المنطقية للاتصال (التواصل مع ضابط بعد شهر واحد من انكشاف و اعتقال عشرات الضباط) أم أن الأمر يتعلق بالعمل البشري وبمغامرات قابلة للانكشاف. أم أن الأمور أكبر مما نتصور تتعلق بالدور الفرنسي في المنطقة والتي لم تكن بوركينا ومن فيها إلا أدوات تحركها أجهزة المخابرات التي تفكر وتقدر وتعد العدة لقابل الأيام .
يسألني البعض دائما عن تفاصيل تلك المرحلة والحاجة للكتابة عنها ،أعرف أن بعض صناع تلك المرحلة تحدثوا في وسائل الإعلام وبعضهم لديه مذكرات مفصلة تنتظر الوقت المناسب للنشر ،
وفيما يخصني كباحث مهتم بالتاريخ المعاصر وكشاهد عن قرب على تلك المرحلة سأضمن معلوماتي والروايات التي بحوزتي في الجزء الثاني من كتابي موريتانيا المعاصرة شهادات ووثائق وسيتضمن تفاصيل مهمة عن تلك المرحلة وبطريقة منصفة وموضوعية ومن زوايا ومواقع مختلفة من أجل كتابة تاريخ نزيه.