تحول لا محالة منه

اثنين, 2016-03-28 19:27

المشكلة الكبرى التي نواجهها اليوم ليست تعديل الدستور ، فكما هو معلوم لدى الجميع بأن الدساتير في العالم من حولنا في تحديث مستمر بما يتناسب وطموحات الشعوب المختلفة نحو الأفضل ، وربما يكون هذا التعديل نحو الأسوأ ، وقد سبق للموريتانيين تغيير دستورهم في إطار تحولات ديمقراطية تاريخية خدمت الشكل الخارجي للبلد ، حتى صارت موريتانيا في لحظة ما من الزمن نموذجا رائدا في التطور الديمقراطي على مستوى نظيراتها العرب والأفارقة ، فواكبت بذلك كل التطورات السريعة والتحولات العميقة الجارية عبر العالم ، ورغم أن هذا التعديل على الدستور كان نحو الأفضل فإنه لم يمنع العسكر من اغتصاب السلطة وانتزاعها بالقوة دون أن يكون للدستور دور يذكر ، فالدستور يستمد قوته من الشعب وليس العكس ، وهنا يكمن جوهر المشكلة فطموح الشعب أوصله لانتكاسة عظيمة لا رجوع عنها .

لا أعتقد أن الشعب الموريتاني اليوم قادر على منع النظام من العبث بالدستور ، ولا أظنه حتى قادرا على المطالبة بأبسط حقوقه فهو لا يميز بين الصواب والخطأ في ما يتعلق بتسيير الدولة ومؤسساتها ، فالنظام اليوم لديه الفرصة الكاملة لتكييف الدستور مع رغباته وحاجاته ، فلا الشعب يريد تغيير النظام ، ولا النظام يريد تغيير الشعب ، فالغيورون على مصالح الوطن على قلتهم ستردعهم الهراوات ومسيلات الدموع ، وربما هم في حاجة أكثر إلى أن يفهموا أبسط قواعد الديمقراطية التي تقدم رأي الأغلبية على الأقلية من الشعب !!

إن الشروع في إجراء تعديل على الدستور مرتبط بتحديد ما إذا كان الرئيس يطمح لتمديد فترة بقاءه في الحكم ، والإجابة على ذلك ستحدد نمط التعديل المناسب  ، ولأن فرضية التعديل لا تزال غير قوية وتحتاج إلى سند قوي لإثبات تبنيها من قبل النظام ، فإن المناسب للنظام حسب الافتراض هو العمل على تغيير نمط الحكم من نظام رئاسي إلى نظام برلماني يتسلم فيه محمد ولد عبد العزيز رئاسة الحكومة ويترك الرئاسة لأحد أتباعه الذين يحظون بثقته ، ولعل هذا الخيار من أضمن الخيارات المتاحة وأسهلها وأكثرها قبولا ، فالنظام الحالي باعتباره شموليا لن يقبل تسليم السلطة إلى منافس سياسي أيا كان ، والرئيس الحالي يعتمد على ما هو متاح لنظامه السياسي في ظل غياب دور السلطة التشريعية فيما تبقى عملية صنع القرار محصورة في شخص الرئيس .

دولة الوزير الأول هي ما سنتحول إليه طوعا أو كرها ، ولا شك أن النظام البرلماني الجديد سيعتمد على الأغلبية حيث سيكون من حق حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تشكيل الحكومة بعد حصوله على أكثر من نصف مقاعد الجمعية الوطنية ، ويعتبر الحزب في حالة صعود جماهيري وتحسن أفضل و هو خاضع لسيطرة مطلقة من " عزيز " ، كما أن الحزب بات مؤثرا في سياسية النظام وسيسعى بكل تأكيد على بقاء نخبه السياسية الحالية في مواقعها خلال عملية التحول وبعدها .

الشعب الموريتاني لا يبدو مدركا لمسؤولياته ولا لدوره في الحياة السياسية ، فاعتماد النظام البرلماني سيكون كارثة على دولة لا تملك أبسط مقومات الدولة الديمقراطية التعددية .

الكاتب عبد الله ولد امباتي

اقرأ أيضا