الشروق ميديا - نواكشوط| يثار بالجزائر جدل سياسي وقانوني حاد، يتعلق بمصير مذكرة الاعتقال الدولية التي صدرت بحق وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل عام 2013، بعد عودته إلى البلاد الشهر الماضي، إيذانا بإلغاء متابعته قضائيا لكن من دون الإعلان عن ذلك رسميا.
وقال خليل لفضائية خاصة جزائرية، أنا "بريء من تهمة الفساد التي لفقَت لي"، في إشارة إلى اتهامه بتلقي رشى وعمولات بقيمة 190 مليون دولار، تتعلق بصفقات "تحت الطاولة" تمت بين شركة "سوناطراك" للمحروقات المملوكة للدولة، ومؤسسة تابعة لمجموعة "إيني" الإيطالية المتخصصة في مجال النفط. وتمت الصفقات بين 2010 و2011، بحسب تحقيقات القضاء الإيطالي في القضية، وكان خليل حينها وزيرا للطاقة والمسير الفعلي لـ"سوناطراك".
وأعلن النائب العام بالعاصمة الجزائرية، في مؤتمر صحافي في 12 أغسطس 2013، أن خليل وزوجته الأميركية من أصل فلسطيني ونجله، وابن شقيق محمد بجاوي وزير الخارجية الأسبق، متهمون ضالعون فيما يعرف بـ "الفساد في سوناطراك". وذكر أن أوامر دولية بالقبض على هؤلاء صدرت.
وعاد خليل في 17 مارس الماضي من الولايات المتحدة، وكان في استقباله بمطار وهران (غرب الجزائر) الوالي الذي يمثل الحكومة على المستوى المحلي. وقال مراقبون إن هذا الاستقبال بمثابة تبرئة لخليل من التهمة. وقبل عودته كان أمين عام حزب الأغلبية، عمار سعداني المقرَب من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، اتهم جهاز المخابرات بتلفيق التهمة خليل، لأنه الجهة التي أجرت التحقيقات في ملف "الفساد بسوناطراك".
غير أن مذكرة الاعتقال لم تسقط رسميا، والمتابعة القضائية ضده لم تعلن أية جهة قضائية عن إلغائها. وقال المحامي عبدالله هبَول، وهو قاض سابق، لـ"العربية.نت": "لا يمكن قانونا إلغاء مذكرة الاعتقال من دون أن يستدعي قاضي التحقيق السيد خليل وبقية المتهمين في القضية، إذ هو وحده من يصدر أمرا بانتفاء وجه الدعوى العمومية، بمعنى لا جدوى من المتابعة لعدم كفاية الأدلة، أو يأمر بحبس المتهمين في انتظار تحديد تاريخ المحاكمة. وبما أن ذلك لم يتم، فالسيد خليل لا يزال متابعا في نظر القانون".
من جهته قال الخبير في القانون نور الدين بن يسعد، بخصوص ما إذا كان جائزا إلغاء مذكرة اعتقال صدرت ضد شخص بدون اتباع إجراءات قانونية وفي الوضوح والشفافية: "رسميا لا يمكن ذلك قبل أن يفرغ المتهم الأمر بالقبض (يقضي 48 ساعة في السجن)، وأن يتقدم أمام القاضي الذي وحده من يقدر رفع هذا الإجراء أو تثبيته".
وأضاف الخبير الذي يتابع قضايا الفساد في القضاء: "القضية لفها الغموض منذ البداية، فالوقائع المنسوبة لخليل تتعلق به كوزير أيام حدوثها، ومعروف أن الوزراء يحظون بحق امتياز المحاكمة بمعنى المحكمة العليا هي من ينبغي أن تتابعه وليس المحكمة الابتدائية، ولكن العكس هو الذي حدث في هذه القضية".
وصرَح عمر غول رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر" ووزير السياحة، للصحافة أن رئيس المخابرات السابق الفريق محمد مدين، "هو المسؤول عن تلفيق التهمة لخليل وذلك بهدف ضرب الرئيس بوتفليقة". وبما أن الرئيس عزل مدين (13 سبتمبر 2015)، لم يعد هناك حسبه، مبررا لوجود مذكرة الاعتقال.
من جهته كتبت عبدالرزاق مقري، رئيس الحزب الاسلامي "حركة مجتمع السلم"، في تغريدة على "تويتر"، أن قضية خليل "تعكس صراعا حادا بين العصب داخل النظام"، وأن القضاء "حلقة هامة في إدارة هذا الصراع".