أحد الباحثين الموريتانيين يكتب عن لقائه بالشيخ الرضا

أحد, 2016-04-10 12:06

شرفني الشريف الولي العارف بالله تعالى الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي الصعيدي، رئس المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باستقبال خاص في بيته العامر، في جلسة علمية استمرت قرابة ثلاث ساعات، غمرني فيها بفيض كرمه، وأفاض علي من معارفه الدينية الواسعة، وأخلاقه السنية الوارفة، وتواضعه الكريم، ونبله الأصيل، ما بهرني حقا،- وانا الباحث في جينولوجيا الأخلاق – فتصورت أن سجاياه الحميدة تتنافس وتتسابق أيها أولى بالتعبير عن خلقه؛ إنه نموذج حي للسلف الصالح وأخلاقهم، التي صارت عزيزة في زمننا حتى زعم بعض الباحثين أنها “متخيلة” لا “حقيقية” تاريخية لها، لأنهم لم يروا نماذجها الحية في الواقع الاجتماعي المعيش … سلفي أصيل، وصوفي مكين، وشاعر مجيد، وفقيه يضبط كلماته ضبطا، فيخصص العام، ويقيد المطلق، ويبين المجمل، حتى لا تختلط المفاهيم، أو تضل الفهوم، فتشتبه السنه بالبدعة، قوي الذاكرة، حاضر البديهة، يجل محاوره ايما إجلال، وإن تحدث فلوقع كلماته جمال، وجلال …

كنت أعرف منذ 1993 م، أن الشيخ بعيد المنزلة بمقامه الديني، ومكانته الاجتماعية الرفيعة، فوجدته قريبا من الناس بهديه ودله وسمته وأخلاقه الإسلامية السنية، كما لو كان قدر كل رفيع المقام عند الحق تعالى أن يزداد تواضعا للخلق ، فيزداد سموا ورفعة عند الخالق وعند الناس، حتى يصل مقام ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )، وقد بهرتني معرفته الواسعة بثقافة المجتمع الموريتاني، وتاريخ بلاد شنقيط، وعلمائها، وأنساب قبائلها، وأمكنتهم، وأقدار رجالها الأحياء والأموات.. تحدثنا في الفقه، وأصوله، والفكر الإسلامي، والتصوف، والتاريخ، وعلم بناء الفروع على الأصول، والفقه العالي… وتسامح المسلمين مع “الآخر”، وكيف اتسعت الحضارة الإسلامية لليهود والمسيحيين، وحتى للملاحدة كأبي بكر الرازي الطبيب، وابن الراوندي، والدكتور إسماعيل أدهم، كما تحدثنا عن “تجديد الدين”، وفقه “الضرورة” وعن المقاربات الفكرية للتصدي للتطرف.. فألفيت أن للشيخ في كل مجال من هذه المجالات رأيا ورؤية وسهما وافرا، أما الفقه والتصوف والشعر، والتاريخ، والأنساب فهو فارسها …يجل أهل العلم كثيرا، ويعظم أهل البيت، ويثني على أهل الفضل، مع تواضع غير متكلف، ونكران للذات….. .
ذكرت للشيخ الجليل قصة ابن عمي – مولاي ابراهيم والد الدكتور محمد الأمين نائب رئيس الجامعة – الذي قال لي وهو على فراش الموت :إنه يحب جميع خلق الله تعالى؛ لأنه لا يمكن أن يكره من أراد الله تعالى وجوده، فيعاند إرادة الله تعالى” فقال لي الشيخ هذا هو الأصل، لكنه قيد العبارة فقال: الأصل أن نحب جميع خلق الله تعالى إلا من استثناهم الله من هذه المحبة…..وسألني هل يعد إقبال الناس على الشخص عند الفقهاء من خوارم االعدالة..؟ فقلت له إن المرجعيات الرمزية، والرجال الأفذاذ هم الذين يوحدون المجتمع، ويتحد حولهم، فيوسعون بذلك المشترك، وأن موريتانيا في زمن “الفردية” تحتاج لما يجمع بينها، وأننا نعيش مرحلة استقطاب شديد جعلت كل طائفة تختزل الأمة في كيانها، وتوالي “علماءها” وتنابذ بقية “العلماء”….

سألني الشيخ عن خلفيتي الصوفية فقلت إن )ميع أفراد أسرتي “تيجانيون من تلامذة الشيخ أحمد حماه الله”، أما أنا فلست “صوفيا”، لكنني مع التقدم في العمر، بدأت أبحث عن “المعنى”، وهو ما قادني إلى الاهتمام بــ”الروحانيات”، وقربني من “التصوف”….فسلام على الشيخ الجليل الشريف الولي العارف بالله تعالى الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي الصعيدي، ..وسلام على جميع أفراد عائلته الكريمة، وعلى صحبه، ومجلسه الكريم، ولهم مني كل المحبة والتقدير …

نقلا عن صفحة الكاتب والباحث محمد المهدي ولد محمد البشير

اقرأ أيضا