يحضر النظام الموريتاني لمعركة شعبية تطلق شرارتها في النعمة ، وهدفها الانقلاب على الشرعية الدستورية والتمديد للجنرال ولد عبد العزيز.
إزاء هذه اللحظة التاريخية فإن المعارضة الموريتانية بجميع أطيافها يميناً ويسارا، مطالبة بالتوقيع على ميثاق وطني للدفاع عن الدستور ودولة المؤسسات.
إنها لحظة تاريخية بكل المعاني تستدعي وحدة الصف والكلمة، فلتتنادو لحماية دستور الجمهورية ، لتطوى صفحة الخلافات السياسية حتى تنظيف الدولة من هذه الطغمة العسكرية الفاسدة، ولكم في التاريخ أسوة حسنة .
في التشيلي عندما أغتيل الرئيس سالفادور آليندي عام١٩٧٣ ودخلت البلاد في دوامة من الدكتوتارية القاسية للجنرال أوغوستو بينوشيه ، الذي سحق المعارضين وحكم البلاد بقبضة من حديد، وجدت أطياف المعارضة أنها جميعا مهددة بحكم العسكر فتنادت إلى التوقيع على ميثاق وطني للدفاع عن الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية، وأسقطت بينوشيه عبر الاعتصامات المدنية والمظاهرات الصاخبة في شوارع العاصمة "سانتياغو"حيث وضع الليبراليون واليساريون والديمقراطيون المسيحيون أيديهم في أيدي بعض واستقبلوا رصاص العسكر بصدورهم العارية لكنهم في النهاية أسقطو الديكتاتور عام ١٩٩٠.
في الأرجنتين ، دولة المؤسسات الديمقراطية ودرة آمريكا اللاتينية ، عاشت البلاد حقبة سوداء بعد انقلاب دموي قاده الجنرال " خورخي رافيل فيديلا" عام ١٩٧٦، وبطش بمعارضيه وقتل منهم الآلاف في ظرف وجيز وامتلأت السجون في عهده، وعندما وجد الطيف السياسي في البلاد أنه مهدد بجميع مكوناته
تداعى إلى معاهدة وطنية للدفاع عن الديمقراطية تحالفت بموجبه الكنيسة الكاثوليكية واليسار الديمقراطي وكانا في السابق من ألد الأعداء وأثمر هذا الحلف التاريخي نجاح الشارع الأرجنتيني في إسقاط الجنرال فيديلا عام ١٩٨٥ ليقضي بقية حياته في السجن .
في موريتانيا نحتاج لأن ينبذ الإسلاميون واليساريون خلافاتهم، وأن يضع القوميون العرب يدهم في يد القوميين الزنوج ، نحتاج لأن يتفق "التكتل""وتواصل " واتحاد قوى التقدم " والتحالف الشعبي التقدمي" وحركة إيرا" نحتاج إلى حلف وطني للدفاع عن الدستورعبر الوسائل السلمية، إلى هبة شعبية لحماية دستور الجمهورية، إذ مهما تعمقت الخلافات بين الكتل السياسية فهي قابلة للحل بالوسائل الديمقراطية، لكن بالمقابل فإن نظام الاستبداد والديكتاتورية سيجرف الجميع دون تمييز إن هم سمحوا بلي عنق الدستور.
الخلاف على شكل الدولة وملامح النظام السياسي مسموح وقابل للحل تحت المظلة الدستورية، لكن صدقوني لا مكان لإسلامي أو عروبي أو ليبرالي أو يساري في دولة الاستبداد العسكري التي يتفرد فيها الجنرال بالسلطة ويسحق الجميع تحت الحذاء العسكري الغليظ .
فلتتداعو إذا إلى ميثاق شرف وطني لحماية دستور الجمهورية فلتنسوا خلافاتكم السياسية والعقدية ولتغفرو لبعضكم عثرات الماضي لأن اللحظة الحاضرة فارقة في تاريخ الجمهورية الوليدة ودستورها الذي يترصده الأعداء.
الكاتب الصحفي عبد الله سيديا