ليست المعارضة مجرد خطب عصماء لتشويه صورة النظام، ولا هي بث الإشاعات المغرضة والأكاذيب الملفقة لتحريك الشارع العام ضد النظام، ولا هي بث الفرقة بين مكونات الشعب لخلق جو ملائم للإغارة على النظام... إن المعارضة فن راق يعتمد في تنفيذه على طول النفس عبر استراتيجيات طويلة المدى وأخرى متوسطة المدى تبدأ من تغيير عقليات الشارع نحو الأحسن، وتنتهي بإقناعه من خلال اقتراح حلول للأزمات التي يمر بها النظام ووضعه أمام خيار الحل الأصلح أو التمادي في الخطأ، إذ لا يجدي نفعا مجرد تشخيص الأخطاء... أردت أن أبدا بهذا الطرح لأقيم من خلال أداء المعارضة الموريتانية خلال العشرينية المنصرمة.. فما الذي قدمته المعارضة الموريتانية للشارع الموريتاني غير الخطب العصماء، والتهم الجزافية التي لم تقدم لها دليلا واحدا، واكتفت عبر مسيرتها العشرينية بخطاب واحد موحد ضد جميع الأنظمة المتعاقبة على البلد وهو أن النظام تسبب في انهيار البلد وسلبه موارده الاقتصادية، وارتفاع مؤشر البطالة ، وأن الرؤية غير واضحة لديه... وبالمقابل لم يسجل التاريخ للمعارضة الموريتانية أنها قدمت أي مقترح لحل أي أزمة من تلك الأزمات التي لا تفتأ تشخصها، على الأقل لتضع النظام أمام خيارين، إما أن يعمل بمقترحها فيقتنع الشعب بقدرتها على إدارة أزمات البلد، أو أن يرفض ويتمادى في الخطأ فيكون لها فضل فضحه أمام الشارع العام، وفي كلتا الحالتين ستكون أدت واجبها الوطني وخطت خطوات نحو ما تصبوا إليه من إدارة البلد، بل قد يحملها الشارع الموريتاني على الأكتاف إلى أن يوصلها لكرسي الرئاسة... أما معارضة الصراخ واستغلال الأحداث والاستهزاء من أي عمل تقوم به الأنظمة، فذلك يعني الإفلاس السياسي والفكري، ويرسم صورة سيئة للمعارضة وكأنها تتبع سياسة " أنا فقط وغيري فاشل بغض النظر عن أدائه"..