رحيل أحد مناضلي الرعيل الثاني في حزب الصواب

ثلاثاء, 2016-04-19 02:41

بكل حزن وأسى رحل الفقيد حَسَن الخُلق عظيم الوفاء: عبد ولد الحسن رحل بهدوء ووقار عن أرض كان يرجو الخير العميم منذ صباه لثراها والسعادة لإنسانها، غادر دُنْيا كان على يقين كامل من زيفها وزوالها، رحل فجر اليوم بعد ازمة لم تمهل نبضه الكبير العامر بالمروءة والوفاء أقل من نصف ساعة، انطفأ وغاب فجأة وترك الحزن، والحزن يتضاعف حين يكون على إنسان رحل في وقت كان مملوءا بالحياة والنشاط الاجتماعي والسياسي ليخلف فراغا كبيرا ليس في محيطه العائلي والسياسي والاجتماعي الضيق وإنما لدى كل من عرفه في أزمنة لا يقاس طولها بحجم الأيام والسنين وإنما بحجم تأثير امرئ مثل الراحل قادر بفطرته التي وهبه الله أن يحجز مكانا سحيق الغور في نفس ووجدان كل من تعرَف عليه.
دخل الفقيد معترك النضال في وقت مبكر من حياته وتلك ميزة ومحنة في الوقت نفسه، ميزة لأنها توفر لأصحابها مساحة خصبة من الخبرة واليقظة ومراكمة التجارب، لكنها محنة لكونها لا تعطي لصاحبها مساحة خارج الحلم الأول حلم و(عهد الطفولة) ووروده وأمانيه العذبة التي انغرست فيهم من حقول صباهم النضالي النضر، وتتطلب في الغالب مسارا وزمنا يفوقان إمكانات الأفراد العاديين ولا يستطيع البقاء في حُلمها إلا الذين يرتفعون دوما إلى الأعلى بكبرياء
ويستهينون بكل المشاق ويتقبلون الكاس المرة جرعة بعد جرعة دون أن يهنوا أو يلينوا أو يسمحوا لعقولهم أن تبرر لهم الراحة عن طريق غواية الانحراف. كان الفقيد من هؤلاء وهو ما عبر عنه بوضوح لحظات قبل رحيله وهو يتحدى بعنفوانيته المعهودة وتحمله المعروف مخلب المرض المتكاثف على نحو مفاجئ في أحشائه ، ويصر على حضور ندوة ثقافية كانت مقررة ليشارك فيها بحضور قوي، وملاحظات دقيقة ويكون هو آخر المغادرين المكان بجسمه النحيل وروحه الكبيرة التي سيسلمها إلى بارئها بعد ذلك في أقل من ساعتين.
كان الفقيد احد مناضلي الرعيل الثاني الذين ساهموا بجهد متميز في حركة النضال الوطني والقومي على الساحة الموريتانية أيام العمل السري من 1979 حتى 1991 ومن الذين لعبوا أدوارا كبيرة في تأسيس حزب الطليعة الوطنية والنضال المستميت داخل صفوفه قبل حظره 1999 و في طليعة من اسسوا حزب الصواب 2004، وانتخب في مؤتمريه الأول 2007، والثاني 2011 عضوا في مجلسه المركزي، وما بين 1979 و17 نيسان ابريل 2016 وهب الفقيد حياته للعمل وخدمة مجتمعه وامته، وكان آخر خروج له هو خروجه يوم الأحد 17 ابريل لحضور ندوة سياسية عن ( دور الأحزاب السياسية في تطوير الديمقراطية) عقدت بمقر حزب الصواب بولاية نواكشوط الجنوبية التي يتولى رئاسة مكتبها الجهوي، أما آخر نشاط جماهيري فهو مشاركته الفاعلة في التعبئة لليوم الوطني للتبرع بالدم الذي أقره الحزب في سبعة نيسان من كل عام.
وإن كان شهر نيسان قد حمل للأمة أفراحا ومباهج عديدة ، فقد حمل إليها أحزانا وهموما كثيرة ومن هذه الأحزان والهموم رحيل الفقيد عبدو ولد الحسن اليوم 18 ابريل 2016.
والله سبحانه وتعالى نرجو أن يسكن الفقيد فسيح جناته وأن ينزل عليه رحمته وأن يلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان، ويسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
القيادة السياسية
صبيحة الحادي عشر من رجب الفرد 1437
الموافق 18 ابريل 2016

اقرأ أيضا