المأمورية الثالثة والحوار؛ أيهما سيقضي على الآخر ؟

أربعاء, 2016-04-20 13:09

شكلت إطلالة بعض الوزراء بتصريحاتهم المثيرة للجدل والرامية الى تهيئة المواطن الموريتاني "البسيط" الى تقبل فكرة المأمورية الثالثة ، التي قد تطرح مستقبلا بشكل رسمي، إن عاجلا أو آجلا ، شكلت بداية فصل جديد من المواجهة بين المعارضة والموالاة، مما سينعكس سلبا على إمكانية الدخول في حوار وطني شامل، ظل الشارع الموريتاني ينتظره منذ برهة من الزمن ، حوار يبدو ان النظام أراد له ان لا يتجاوز حد المطالبة به علنا، وأرادت له المعارضة ان يظل حبيس الاستعداد المشروط مبدئيا . مضى عامان على الجلسة التشارية الاولى( منتصف ابريل 2014), والتي مثل فيها النظام الأستاذ سيدمحمد ولد محم ، و المعاهدة رئيس حزب الصواب الدكتور عبد السلام ولد حرمة ، ومثل المنتدى من طرف السيد محمد يحي ولد احمد الوقف. كانت بدايتها -طبعا- عبارة عن خطب وعبارات رنانة، لكن نهايتها كانت وللاسف بالخلاف الجوهري بين الوفود الحاضرة. منذ ذلك اليوم ونحن نعيش في دوامة من تبادل الشتائم بين من يمثلون مختلف أوجه الطيف السياسي، فازداد الشرخ و انعدمت الثقة فيما بين الأطراف، وأصبح كل يتهم الاخر بعدم الجدية في المضي قدما من اجل إيجاد حل توافقي. ومما قد يزيد الأمور تعقيدا و التجاذبات السياسية تجذرا، خروج النظام إلينا في حلقات متتالية من اجل الدعاية لمأمورية رئاسية ثالثة، حيث ظهر وزير المالية وهو يشرح معنى كلمة "المأمورية" اصطلاحا ، والاصطلاح هنا ليس اصطلاح الدستوريين، وإنما اصطلاح الحزبيين وكل المنضوين تحت عباءة النظام. فأكد ان كلمة "مأمورية" تغير معناها، و لم تعد تحدد بالزمان وإنما بإكمال البرنامج الطموح لرئيس الجمهورية وبالتالي عليه ان يواصل حتى النهاية. اما وزير العدل فقد خرج علينا في الحلقة الثانية ليؤكد أن سيادة الرئيس بحاجة الى مأمورية ثالثة ، بعد ان أصبحت تعني إكمال المشروع (الذي قد لا يكتمل ابدا)، و عليه فإنه على الشعب الموريتاني ان يعلن تمسكه بالرئيس وحاجته اليه في مامورية ثالثة (ستكون مأمورية غير محددة). أصر الوزيران على ان تصريحاتهما مجرد آراء شخصية لا علاقة لها بالرئيس والنظام، وذلك ما أكده الناطق الرسمي للحكومة عندما خرج على الصحافة بعد نهاية اجتماع الوزراء ، لكنه بالمقابل لم ينف ان للرئيس نية في تعديل الدستور كي يتسنى له الترشح لمأمورية ثالثة، وحتى الرئيس نفسه لم يصدر عنه اي رد رسمي حتى اليوم. وبالتالي فانه من الصعب على من يتابع الوضع السياسي أن يبرئ الحكومة من هذه التصريحات كلها، خاصة انها تصريحات جاءت على ألسن وزراء اثناء تأديتهم لمهامهم، و عليه فان كل الاّراء والمواقف لابد ان تحسب على الحكومة. اما الاّراء الشخصية فيجب ان تترك للمجالس الشخصية والضيقة. كما نسي هؤلاء الوزراء، أو تناسوا على الأرجح، أن التجاسر على الدستور قد يكون اعظم من التجاسر على ثوابت الجمهورية، كالوحدة الوطنية والحوزة الترابية....الخ، لان هذه الثوابت تأخذ قداستها من الدستور نفسه الذي يحددها. مما لا شك فيه ان كل هذه التداعيات المرتبطة أساسا بالدستور الوثيقة الاساسية في الانظمة الديمقراطية، ستلقي بظلالها على الحوار، الذي يبدو ان رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي الاستاذ مسعود ولد بلخير لن يهدأ له بال حتى يحققه و باكبر قدر ممكن من الاجماع السياسي. فقد يزيد المنتدى شروطه التمهيدية بشرط اخر، كنفي الرئيس علنا نيته تغيير الدستور و الترشح لمأمورية ثالثة، من اجل ان يشارك في النقاش حول الحوار. فنحن إذن أمام ظرفية سياسية معقدة، فإما ان يستجيب الرئيس لهذا المطلب و بذلك نعتبر ان الحوار قد قتل المأمورية الثالثة قبل ان تولد، وإما ان لا يستجيب او يعلن عكس ما يرجوه الجميع، فيقتل بذلك الحوار الوطني. و بين هذا وذاك يبقى الاشكال مطروحا بين الفرضيتين: هل المأمورية الثالثة ستقضي على الحوار الوطني ؟ ام أنه سيقضي عليها؟

 

محمد احمد الدح /كندا

اقرأ أيضا